للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

خبِّروني إن كنتم تعلمون، كيف يكون التدجيل إن لم يكن هذا تدجيلاً؟!

...

أما إنني لا أدعو إلى احتكار الأدب وما في سوق الأدب احتكار، ولكن أدعو المجلات المصرية المحترمة أن تتريَّث في نشر ما يحمله إليها البريد من مقالات النقد والتقريظ والكلام في الأدب وأهله حتى تعرف الكاتب، ومبلغ الثقة بخبره وحكمه، ومكانته في بلده، وألَّا تدع أسماء الكبار من أدباء الأقطار العربية مضغة في فم كل محبٍّ للشهرة، يشتهي أن يكون كاتباً ولم يعدَّ للأمر عدَّته.

وأنا لا ألوم الشباب أن يستمرئوا التدجيل ويستسهلوا طريقه، ويستصعبوا الجد والدأب ودخول البيوت من أبوابها. فهذا هو شأن الشباب، وكلنا كان كذلك أو كان قريباً منه، ولكنا لم نجد مجلات تعيننا عليه ووجدوها، وهأنذا قد دانيت الأربعين، وأظن أني كتبت من الصحائف المنشورة ما يزن أرطالاً، وإني والله ما أبعث اليوم بمقالة إلى مجلة إلا مستحيياً منها ألَّا تكون صالحة للنشر، وخائف أن تصير لقىً، أفلا يحق لنا أن نعجب من صفاقة أقوام من هؤلاء الكاتبين وأن نعتب على هذه المجلات المحترمة، إذ تضع الشيء في غير موضعه فتجود في غير مجاد، وما لكل ناشئ اليوم لا يرضى بأقل من الرسالة والثقافة ينشر فيها غَذْرمته ... فقد كنا نتمنَّى جريدة يومية تنشر لنا فما كنا نصل إليها ونحن يومئذ أقلّ من أكثرهم اليوم جهلاً!

ولقد كنا سألنا مجلات مصر أن تنشر لأدبائنا وتعرِّف بأدبنا وعتبنا عليها أنها لا تفعل؛ ولكنا لم نرد إلا الأدباء حقاً لا أن تنشر لكل من يسود صحيفة ويضعها في ظرف ويبعث بها إلى المجلة ... ثم تحمل ذلك علينا وتنسبه إلينا وتمثل به على أدبنا، وتقبل حكم صاحبه علينا يرفع منا من يشاء ويخفض من يريد.

والسبيل لا سبيل سواها هي تكليف أحد أدبائنا المعروفين ممن لا يطعن على شخصه وإن خولف في رأيه البحث في أدب الشاميين بحثاً علمياً منظماً خالياً

<<  <   >  >>