للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البزّ (١)، وعلى كثير من الحوانيت والمساكن، وأسروا خلقا من النّسوان وافترسوهنّ، وتهارب جماعة منهم إلى الجامع (تحرّما به) (٢) فلم يحمهم، ونهبوا مواضع كثيرة من مصر، وأحرقت النّار شطرا كبيرا من البلد، ولم يتجاسر المصريّون على إطفايها (٣) خوفا من أن يجري عليهم ما هو أعظم وأشدّ (٤). وانتهى إلى الحاكم عظم الحادثة بمصر من الحريق والنهب والأسر، فإنّه لم يؤمن تفاقمه وخروجه إلى ما يصعب تلافيه واستدراكه،

[[الحاكم يقتل غادي الخادم الذي أراد القضاء على الفتنة]]

فتقدّم إلى غادي (٥) الخادم الصّقلبيّ بالنزول إلى مصر في جماعة من الجند ليسكّن الفتنة، فنزل وشاهد أمرا فظيعا وحالة قبيحة، فقتل بعضا من العبيد ومن أهل الشرّ (٦) لتوقع الهيبة فيهم، وفرّق جمعهم (٧)، وعاد إلى الحاكم وهو حنق ممّا شاهد، وشرح له قبح النازلة وعظم الحادثة، وقال له في جملة كلامه: لو أنّ باسيل ملك الروم دخل إلى مصر/١٣٠ ب/لما استجاز أن يفعل بها مثل هذا، فنقم عليه الحاكم وقتله، فاستغاث المصريّون إليه في العفو عنهم والتقدّم بإطفاء النّار لئلاّ تهلكهم، فأذن بذلك بعد أن تلف من العقارات والرحالات ما يعظم قدره.

[المؤلّف يذكر قول الناس حول سبب حريق مصر]

وقال بعض النّاس إنّ السبب في ما أمر به من حريق مصر ونهبها أنّ أكثر تلك الأشعار والقصائد المنسوبة إليه أو كلّها هم نحلوه إيّاها وعملوها على لسانه، وكذلك الكتاب المكتتب عنه، وأنه قصده أن يحقق فيهم ما


(١) في الأصل وطبعة المشرق ٢٢٥ «البرّ»، والتصحيح من (س).
(٢) ما بين القوسين ليس في البريطانية. وفي بترو «نحو ماية».
(٣) في الأصل وطبعة المشرق ٢٢٥ «طفيها»، والتصحيح من بترو.
(٤) في بترو: «وأشرّ».
(٥) في الأصل وطبعة المشرق ٢٢٦ «عادي» بالعين المهملة، والتصويب من (اتعاظ الحنفا ٢/ ١٠٦) وفي (س) «غاز». قال المقريزي إنه كان يتولّى الستر والحجبة، وهو الذي قتل القاضي مالك بن سعيد سنة ٤٠٥ هـ‍.
(٦) في الأصل وطبعة المشرق ٢٢٦ «الشرة»، والتصحيح من البريطانية.
(٧) في البريطانية «جميعهم».

<<  <   >  >>