للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الملك رومانوس يتسلّم الرّها من رئيسها]

وفي شهر تشرين الأول سنة ١٣٤٣، وهو ذو القعدة سنة ٤٢٢، وهي آخر السنة الثالثة من ملك رومانوس ملك الروم مدينة الرّها بتسليم سليمان بن الكرجي المقيم بها إيّاها إليهم، بتلطّف جرجس المانياكس استراتيغوس سميساط وحصل فيها. وسار سليمان المذكور إلى حضرة رومانوس الملك بالقسطنطينية، واستصحب معه الكتاب الوارد من أبجر ملك الرّها إلى السيّد المسيح، وجواب السيّد المسيح له. وكان كلّ واحد منهما في ورقة طومار (١) مكتوبين بالسرياني. وخرج الملك وألكسيوس البطريرك وجميع أهل المملكة لاستقبالهما، وتسلّمهما الملك بخشوع وخضوع تعظيما لكتاب السيّد المسيح، وأضافهما إلى الآثار المقدّسة التي في بلاط الملك. وعني رومانوس الملك بترجمتها من السرياني إلى اليوناني، وترجمها لنا إلى العربيّ الناقل الذي تولّى نقلهما إلى اليوناني على هيئتهما ونصّهما.

...

[القتال بين المسلمين والروم في الرّها]

ولمّا تسلّم الروم مدينة الرّها والقلعة ودخلوها، امتدّت إليهم سفهاء المسلمين وتواثبوا عليهم، فدعت الروم الضرورة إلى أن يدفعوا عن نفوسهم، والتحمت الفتنة بين الفريقين، واجتمع المسلمون وتواثبوا عليهم، فطلع جند الروم إلى القلعة وتحصّنوا بها، وهاج المسلمون على النصارى الذين بينهم في الرّها، وقتلوا منهم جماعة، فتحصّن النصارى في الكنيسة، وقاتلهم المسلمون وقتلوا وأسروا منهم جماعة كثيرة، وأحرقوا باب المدينة وأخذوا حديده، وأخربوا موضعا في السّور. ونفر إليها خلق كثير من المسلمين، وتعلّم الروم المقيمون في القلعة القتال منهم، وأظهروا لهم التخشّع والخوف منهم، فاطمأنّ المسلمون واسترسلوا، فخرج الروم إليهم وكسروهم، وقتلوا


= وهذا الخبر وإن كان في السنة التي يؤرّخ لها المؤلّف الأنطاكي عن أفامية، لا يتّفق معه تماما. وانظر: المختصر في أخبار البشر ٢/ ١٥٨.
(١) الطومار: كلمة دخيلة لعلها فارسية شاع استعمالها بين الكتّاب وفي دواوين الإنشاء منذ القرن الأول وما زالت متداولة حتى عصر المماليك. ويقصد بالطومار إمّا نوع من الخطوط العربية أو نوع من الصحف التي يكتب عليها. والمعنى الثاني يقصد به قطع من الورق (البرديّ أو الكاغد) له مساحة معيّنة تعتبر أكبر قطع لورق الكتابة. (القاموس الإسلامي ٤/ ٥٨١).

<<  <   >  >>