للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأخذ أموالهم، وأقام بسجلماسة أربعين يوما، وسار إلى إفريقية، ووصل إلى رقّادة (١)

[المهديّ يدخل رقّادة ويستميل الناس لدعوته]

وأظهر المهديّ التواضع والخشوع، وواصل الجلوس للناس والمخاطبة لهم والتودّد ووعد (٢) المواعيد التي تسرّهم، وولّى جماعة من وجوه كتامة أعمال إفريقية وأفضل عليهم وأحسن إليهم وأمرهم/٨٩ أ/بالتزيّن والتجمّل في ملابسهم ومراكبهم، وأخذ إليه الأموال التي جمعها أبو عبد الله، وطلب أموال زيادة الله بن الأغلب وأموال أصحابه، وتقصّى على ما نهب من رقّادة، واستخلص من أيدي النّاس أموالا كثيرة، واصطنع جماعة من كتامة، وأثبت (٣) الموالي والعبيد من الروم والسّودان، وأقام منهم عسكرا، ونظر في المظالم، وباشر جميع الأمور بنفسه، واستمال الناس، وانحرفوا عن أبي عبد الله، ولم يجعل له نظرا في شيء من الأشياء، فتقدّمه أبو العباس أخوه على تسليمه الأمور إلى المهديّ وقال له: قصدت أمرا جليلا، فلمّا وصلت إليه وإلى ملتمسك جئت بمن أزالك عنه وأخرجك منه ورفضك واضطّهدك، فكان الواجب أن يدعك بما كنت عليه من تدبير الأمور والنظر إليها، ويتشاغل هو بأحوال نفسه، ولا يقيمك من الذلّ والعار في مثل هذا العام (٤).

[أبو عبد الله الشيعي ينصح المهديّ بإطلاق يده في الدعوة]

وعوّل أبو عبد الله على أن يستدرك ما فرّط منه، فقال للمهديّ على سبيل النصيحة: يا مولاي إنّي قد خبرت أخلاق كتامة، وقوّمتهم بتقويم وأجريتهم على سياسة فبلغت منهم بذلك (٥) ما بلغت (٦) والذي فعلته أنت الآن من الإحسان إليهم فولّيتهم (٧) الأعمال والبلدان، وما أمرتهم به من الزّينة والتجمّل (٨) فهو فساد


(١) في نسخة بترو زيادة: «يوم الخميس لإحدى عشر ليلة بقيت من ربيع الآخر سنة ٢٩٧». وانظر الكامل في التاريخ ٨/ ٤٨، واتعاظ الحنفا ١/ ٦٦.
(٢) في نسختي بترو والبريطانية «ووعدهم».
(٣) كذا.
(٤) في نسخة بترو «المقام».
(٥) في الأصل والمطبوع ١٠٨ «ببذلك».
(٦) العبارة في نسخة بترو «فتوصل بهم إلى ما أحببت»، وفي النسخة البريطانية «فتوصّلت. .».
(٧) في نسخة بترو «فتوليتهم».
(٨) في الأصل والمطبوع ١٠٨ «والبجل»، والصحيح ما أثبتناه.

<<  <   >  >>