للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في صلبها، فأما بعد الفراغ منها، فلم يثبت عنه أنه كان يعتاد الدعاء، ومن روى عنه ذلك فقد غلط عليه، وإن روي في غير الصحيح أنه كان أحيانا يدعو بدعاء عارض بعد السلام، وفي صحته نظر. وبالجملة فلا ريب أن عامة أدعيته التي كان يدعو بها، وعلمها الصديق إنما هي في صلب الصلاة، وأما حديث معاذ بن جبل: (١)

«لا تنس أن تقول دبر كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك» (٢) فدبر الصلاة يراد به آخرها قبل السلام منها، كدبر الحيوان، ويراد به ما بعد السلام؛ كقوله: «تسبحون الله وتكبرون وتحمدون دبر كل صلاة» (٣) الحديث. والله أعلم. ا. هـ.

ومثله الدعاء على الصفاء - على قول - أنه دعا مرتين، وذكر الله ثلاثًا، فكان الدعاء في أضعاف الذكر، فالذكر وهو وظيفة العبادة على الصفاء كان يكتنف الدعاء، فصار دعاؤه أثناء عبادته الخاصة.


(١) هو: معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس الأنصاري الخزرجي، أبو عبد الرحمن. صحابي جليل. إمام الفقهاء. وأعلم الأمة بالحلال والحرام. أسلم وعمره ثماني عشرة سنة. شهد بيعة العقبة، ثم شهد بدرًا وأحدًا والمشاهد كلها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. جمع القرآن على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وكان من الذين يفتون في ذلك العهد. بعثه النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد غزوة تبوك قاضيًا ومرشدًا لأهل اليمن، وفي طبقات ابن سعد أنه أرسل معه كتابًا إليهم يقول فيه: «إني بعثت إليكم خير أهلي» قدم من اليمن إلى المدينة في خلافة أبي بكر، ثم كان مع أبي عبيدة بن الجراح في غزو الشام. ولما أصيب أبو عبيدة في طاعون عمواس استخلف معاذًا. وأقره عمر، فمات في ذلك العام. انظر: الإصابة في تمييز الصحابة ٣/ ٤٢٦؛ وأسد الغابة ٤/ ٣٧٦؛ وحلية الأولياء ١/ ٢٢٨؛ والأعلام ٨/ ١٦٦ ..
(٢) أخرجه أحمد (رقم: ٢٢١٧٢) وأبو داود (رقم: ١٥٢٢) والنسائي (رقم: ١٣٠٣) والحاكم (رقم: ١٠١٠) وقال: صحيح الإسناد على شرط الشيخين. وقال الهيثمي (١٠/ ١٧٢): رجاله رجال الصحيح غير موسى بن طارق، وهو ثقة.
(٣) أخرجه البخاري (رقم: ٥٩٧٠) ومسلم (رقم: ٥٩٥).

<<  <   >  >>