للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السيرة، لكن الشهرة لا تغني عن صحة الإسناد. ومال الدكتور سليمان السعود (١) إلى تقوية القصة بأمور ثلاثة:

١ - أن لها أصلًا في كتاب الله في قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} [الأنفال: ٣٠] وبهذه القصة فسرها الطبري.

٢ - أنها وردت من عدة طرق يشد بعضها بعضًا.

٣ - شهرة هذه القصة واستفاضتها عند أئمة السير).

وقال الشيخ محمَّد الصادق عرجون -رحمه الله- (٢) عن هذه القصة ومشاركة إبليس إنه ضرب من الخيال المجنون: "لأنه لم يثبت فيه خبر صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان ما جاء فيه رواية مرسلة عن ابن عباس لم يثبت لها سند يمكن التشبث به والاعتماد عليه .. ".

وتعقبه الدكتور مهدي رزق الله بقوله: "قلت: جاءت القصة بطريق صحيح عند ابن إسحاق والطبري إضافة إلى أن ابن إسحاق والزهري والواقدي وابن سعد والأموي من أئمة المغازي والسير، واتفقوا على ذكر القصة مما يدل أن لها أصلًا، خاصة حديثهم -إذا استثنينا قصة النجدي- ورد مضمونه في أحاديث صحيحة، مثل الأحاديث التي وردت في تفسير الآية: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا … } ". (٣)

وهذا التعقب يحتاج إلى تعقب، فالقول بأن هذه القصة جاءت من طريق صحيح، غير صحيح وقد سبق أن الرواية لهذه القصة إما من طريق الواقدي وهو متروك، أو من طريق ابن إسحاق وفيه جهالة شيخه، وما ذكر


(١) أحاديث الهجرة جمع وتحقيق ودراسة ص ١١٤، مركز الدراسات الإِسلامية، برمنجهام، بريطانيا، الطبعة الأولى، ١٤١١ هـ، والكتاب رسالة ماجستير.
(٢) محمَّد رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، منهج ورسالة (٢/ ٤٩٨)، دار القلم، دمشق، الطبعة الأولى ١٤٠٥ هـ.
(٣) السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية ص ٢٦٥، الطبعة الأولى ١٤١٢ هـ، مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث.

<<  <   >  >>