للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس فيه أن ذلك كان عند قدومه -صلى الله عليه وسلم- المدينة، بل في رواية أن ذلك كان في عرس، -وهو الراجح- كما تقدم بيانه في تخريج حديث أنس برقم (٣١٥٤)، من المجلد السابع من "الصحيحة"-. والله سبحانه وتعالى أعلم.

وأما ما ذكره الغزالي في "الإحياء" (٢/ ٢٧٧) من إنشاد النساء على السطوح بالدف والألحان، عند قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم-:

طلع البدر علينا من ثنيات الوداع * * * وجب الشكر علينا مادعا لله داع

فهو مما لا أصل له، وإنما رواه البيهقي وغيره من طريق ابن عائشة، قال … فذكره مختصراً، دون ذكر السطوح والدف والألحان، ثم هو تضعيف معضل - كما تقدم بيانه في المجلد الثاني برقم (٥٩٨) وأزيد هنا فأقول: قال الحافظ في "الفتح" (٤/ ٢٦٢): "وهو سند معضل، ولعل ذلك كان في قدومه من غزوة تبوك".

وإن مما يؤكد نكارة ذكر الدفوف في قصة استقباله -صلى الله عليه وسلم- قول البراء بن عازب -رضي الله عنه-: ثم قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، حتى جعل الإماء يقُلن: قدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم -.

رواه البخاري (٣٩٢٥) وغيره، وهو مخرج في "تخريج فقه السيرة" (ص ١٦٩ - دار القلم). ومثله حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال:

إِنِّي لَأَسْعَى فِي الْغِلْمَانِ يَقُولُون: جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا ثُمَّ يَقُولُونَ: جَاءَ مُحَمَّدٌ فَأَسْعَى فَلَا أَرَى شَيْئًا قَالَ: حَتَّى جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ أَبُو بَكْرٍ فَكُنَّا فِي بَعْضِ حِرَارِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعَثَنَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لِيُؤْذِنَ بِهِمَا الْأَنْصَارَ فَاسْتَقْبَلَهُمَا زُهَاءَ خَمْسِ مئة مِنْ الْأَنْصَارِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَيْهِمَا فَقَالَتْ الْأَنْصَارُ: انْطَلِقَا آمِنَيْنِ مُطَاعَيْنِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ فَخَرَجَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ حَتَّى إِنَّ الْعَوَاتِقَ لَفَوْقَ الْبُيُوتِ يَتَرَاءَيْنَهُ يَقُلْنَ:

<<  <   >  >>