للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قومه عنه فيذئرهم ذلك عليه، فلم يفعلوا، وأغروا به سفاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به حتى إجتمع عليه الناس، وألجأوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة وهما فيه، ورجع عنه من سفهاء ثقيف من كان يتبعه، فعمد إلى ظل حبلة من عنب، فجلس فيه وابنا ربيعة ينظران إليه، ويريان ما لقي من سفهاء أهل الطائف. فلما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال - فيما ذكر لي -: اللهم إني أشكو إليك ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تكلني: إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن، بك علي غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سخطك، لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك (١)) ونجد في روايات أخرى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقام بينهم عشرة أيام لا يدع أحدا من أشرافهم إلا جاءه وكلمه. فقالوا: أخرج من بلادنا، وأغروا به سفهاءهم. قال موسى بن عقبة: ورجموا عراقيبه بالحجارة حتى اختضب نعلاه بالدماء. (وزاد غيره). (وكان إذا اذلقته الحجارة قصد إلى الأرض، فيأخذونه بعضديه، ويقيمونه، فإذا مشى رجموه، وهم يضحكون، وزيد بن حارثة يقيه بنفسه، حتى لقد شج في رأسه شجاجا (٢)).

لقد كان سعي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الطائف ذا هدفين:

الأول: دعوة ثقيف إلى الإسلام.

الثاني: طلب الحماية والنصرة منهم كما يقول نصر بن إسحاق: (.. وكلمهم بما جاءهم له من نصرته على الإسلام، والقيام معه على من خالفه في قومه).

نحن إذن أمام مرحلة جديدة تختلف عن سابقتها في هاتين النقطتين الأساسيتين:


(١) تهذيب السيرة ٩٧ - ٩٨.
(٢) مختصر السيرة لابن محمد بن عبد الوهاب ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>