للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعبير. فكان لا بد من المعالم الأولى للدعوة: أدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله. وهي مفرق الطريق بين الإسلام والكفر، وهي التي حاربتها قريش عشر سنوات، ورفضت أن تقولها. ولم يكتف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك، بل حدد هدف اللقاء، وهدف الأسئلة السابقة التي تقدم بها أبو بكر رضي الله عنه ... وإلى أن تؤووني وتنصروني.

ولا شك أنه سيحاك في الذهن مباشرة أسئلة كثيرة عن سبب اللجوء إليهم دون أن يمتنع بقومه قريش فقال - صلى الله عليه وسلم - متابعا: .. فإن قريشا قد تظاهرت على أمر الله وكذبت رسوله، واستغنت بالباطل عن الحق والله هو العلي الحميد.

ولا شك أن مغروقا قد انشرح صدره لهذا الحديث فأحب أن يتعرف على معالم أخرى لهذا الدين الجديد فكرر السؤال: وإلى م تدعو يا أخا قريش؟ واختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحديث عن عزة القيم والأخلاق التي تفتخر بها العرب، ولو كانت تخالفها في كثير من الأحيان: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ... (١)}.

إن الجو وإن كان جو محادثات ومباحثات سياسية. لكن الدعوة إلى الله هي الأصل، وكسب القوم إلى الإسلام أكبر بكثير من حمايتهم لرسول الله وهم لا يؤمنون برسالته، ولعل مفروقا حرص أكثر على إيضاح هذه الدعوة، وراعه بيانها وفكرها فاستزاد قائلا وإلى م ثتدعو أيضا يا أخا قريش؟.

واختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآية الجامعة الفذة المانعة: {إن الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون (٢)}.

إن قمة القيم الأخلاقية والسياسية قد عرضت في هذه المفاوضات، وما


(١) الأنعام ١٥١.
(٢) النحل الآية ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>