للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللقاءات المقررة، واختار كعبا ليرافقه بصفته الشاعر المشهور والمعروف عند قريش.

٣ - وكانت الخطوة الثانية من التخطيط العبقري هو الخروج المنظم لموعد الاجتماع وكما يقول كعب: (حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نتسلل تسلل القطا (١)) مستخفين حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائنا نسيبة بنت كعب، وأسماء بنت عمرو وتم الاجتماع لهذا العدد الضخم الذي انسل من معسكرات المشركين دون أن ينتبه لهم أحد.

٤ - وكانت الخطوة الثالثة من التنظيم المحكم كما تشير بعض الروايات إلى تأمين حراسة الشعب بحيث لا يدري أحد بالأمر.

يقول المقريزي: وجاءهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه عمه العباس وهو على دين قومه، وأبو بكر وعلي رضي الله عنهما، فأوقف العباس عليا على فم الشعب عينا له وأوقف أبا بكر على فم الطريق الآخر عينا له. فلم يدر حتى المهاجرون بهذا اللقاء السري إلا من كان له مهمة خاصة في الحراسة والمراقبة وهما: علي وأبو بكر رضي الله عنهما.

٥ - وكان حضور العباس وحديثه وهو على دين قومه - كما يظهر - ضرورة سياسية، فهو الذي يحمل عبء حماية النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا بد أن يتوثق من مستوى هذه الحماية الجديدة ليطمئن عليها، وإلا فلن يفرط بابن أخيه، ولعل هذا يشير إلى إمكانيات اشتراك بعض الشخصيات غير الإسلامية إذا كانت مناط ثقة تامة من القيادة في عملية تغيير سياسي لصالح الإسلام أو يمكن القول: إنها في ظاهرها موالية للسلطة الحاكمة أما حقيقة ولائها فهو للقيادة المسلمة، خاصة إذا كان لها دور رئيسي في التحرك، كقيادة مجموعة سياسية في عملية تغيير سياسي، بل بإمكانها أن تشارك في وضع الخطة وتنفيذها عندما تكون ذات خبرات عريقة. فلقد


(١) القطا: طائر مشهور بخفة حركته.

<<  <  ج: ص:  >  >>