للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخافون من أنفسكم خيفة، فهو أعذر لكم عند الله، فقالوا: يا أسعد أمط عنا يدك، فوالله لا نذر هذه البيعة ولا نستقيلها ... (١)).

كان لا بد أن يظهر الوجه المقابل للصورة التي عرضها ابن التيهان، وظهر ذلك على الشكل التالي:

١ - حرب الأحمر والأسود من الناس.

مفارقة العرب كافة.

قتل الأشراف والخيار، ونهكة الأموال والأعراض.

وهذه هي طبيعة معركتنا اليوم كما كانت طبيعة المعركة يوم العقبة.

لا بد أن يكون واضحا في ذهننا أن العالم كله ضدنا، والعالم كله يحاربنا، والعالم كله لا يرضى أن تصل الحركة الإسلامية إلى الحكم وهي تريد أن تحكم بشريعة الله. لا بد أن يكون واضحا في ذهننا أن العرب جميعا من قبل، والأمة العربية اليوم من المحيط إلى الخليج - على حد التعبير المعاصر - تعادي هذه الحركة، وتعادينا. لا بد أن يكون الأمر بهذا الوضوح، وهذه الصراحة، وهذه البينة.

فمن الذي يرضى أن يحالفنا على هذا الأساس؟ أي حليف سياسي يرضى هذا المصير، وكل الحلفاء السياسيين يرضون بحلفنا إذا عرفوا أننا منتصرون، فقط، وغير ذلك فقد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا.

إننا حين نعرف طبيعة المعركة، نعرف طبيعة الحركة من خلالها. إنه لا بد أن يعرف كل فرد في القاعدة الصلبة طبيعة هذه المعركة في حرب الأحمر والأسود من الناس، في مفارفة العرب كافة، في نهكة الأموال والأعراض، إنه بعد أن يعرف هذا الأمر. فليبايع أو يرفض، إنه يمكن أن يبقى على بيعة النساء، كما وردت في سورة الممتحنة، أما بيعة الرجال، أما بيعة الحرب فهذه حدودها، وهذه ظروفها، وهذه طبيعتها.

وما أحرى الحركة الإسلامية أن تكون واضحة صريحة صادقة مع قواعدها لا تغشهم، ولا توحي لهم أن النصر قاب قوسين أو أدنى،


(١) الرحيق المختوم ص ١٦٧ و ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>