للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكرنا هذا الأمر بحرص العدو - وهو يعرف بعض الثغرات في الصف الإسلامي - على تفتيت الصف من خلال هذه المعرفة. فإثارة الأحقاد والضغائن، والخلافات السابقة هي محور تحرك العدو.

ومما يوضح هذا الطريق اليوم ما لجأت إليه سلطات الطغيان في بلد إسلامي حين أبرزت أحد الإخوة السجناء على تلفازها الرسمي، وفرضت عليه أن يتكلم حول الخلافات القائمة بين قادة الحركة الإسلامية، وأبرزت هذه الخلافات على أنها هي المحرك الوحيد للحركة. وسرعان ما تلقف الشباب هذا الأمر، وراحوا يتناقلونه بين صفوفهم على أنه الحق الوحيد. إن الأصل الذي يجب أن نفيء إليه جميعا هو الشك في العدو، واتهامه، لا تصديقه وتكذيب الإخوة المسؤولين، ونداء الله تعالى لنا واضح في هذا الأمر: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين (١)}. وإذا كان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - ورسول الله بين - ظهرانيهم - قد تأثروا بنزعات الخلاف السابقة وهي حقيقية، وأمكن أن يستجروا إلى حمل السلاح ضد بعضهم بعضا وهم الجيل الخالد، خير قرون الأرض، فلا عجب أن يستجر المسلمون اليوم وهم في الصف الإسلامي - إلى بعض الخلافات الجانبية، وينزغ الشيطان بينهم، ويسعى جاهدا ليفرق كلمتهم. لكن الأصل هو العودة إلى الكلمة الواحدة، والصف المتراص الواحد. لا أن نعتبر صورة العدو عن الحركة الإسلامية هي الأصل ..

إننا نقع في خيانة يوم نصدق ما يشيعه عدونا عنا - حقا أو باطلا - وننطلق منه في الحكم. لقد وصف الله تعالى المؤمنين بقوله: {إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون وإخوانهم يمدونهم في الغي ثم لا يقصرون (٢)). والأولى والأجمل بشباب الحركة أن يسعوا مع إخواخهم على إطفاء نار الفتنة لا على إيقادها، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.


(١) آل عمران / ١٠٠.
(٢) الأعراف / ٢٠٠ - ٢٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>