للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانوا يستفتحون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل المدينة من الأوس والخزرج. فكان يحرص عليه الصلاة والسلام على موافقتهم ومجاملتهم في كثير من الأمور مما لا يمس أمور العقيدة. وخاصة في قضية العادات الاجتماعية حتى في تسريح شعره، وكان يحرص على موافقتهم في أمور القيادات. كما نعلم حين أمر المسلمين بالصيام في عاشوراء قائلا للمسلمين: (نحن أحق وأولى بموسى منكم (١).

المرحلة الثانية: وذلك حين أعلن اليهود حربهم العنيفة المشبوبة على المسلمين. فأصبح يحرص على مخالفتهم في كل شيء ليكون للمسلمين تميزهم الكامل عنهم في العادات واللباس والعبادات كي ينهي هذه القدسية التي كانت لهم في نفوس المسلمين حين انحرفوا عن الحق، وكفروا به: {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين (٢)}.

وقد وضح هذا التميز الإسلامي في أكثر من جانب، وكانت هذه النقاط قد تم معظمها قبيل غزوة بدر، وكان ذلك كله بأمر من الله تعالى، واستجابة لرغبة نبيه الكريم في هذه المفاصلة. نذكر من هذه الأمور ما يلي كما أوردها المقريزي في إمتاع الأسماع: (وفي شعبان على رأس ستة عشر شهرا، وقيل على رأس سبعة عشر شهرا حولت القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة، فكان أول شيء نسخ من الشريعة القبلة ... ويقال حولت القبلة يوم الإثنين النصف من رجب بعد زوال الشمس قبل قتال بدر بشهرين وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسجد بني سلمة، وقد صلى بأصحابه من صلاة الظهر ركعتين، فتحول في صلاته واستقبل الميزاب من الكعبة، وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال، فسمي المسجد (مسجد القبلتين) ويقال صرفت في الظهر من يوم الثلاثاء للنصف من شعبان سنة اثنتين في منزل البراء بن معرور، وقيل صرفت في صلاة الصبح (٣)).


(١) متفق عليه.
(٢) من الآية ٨٩ - البقرة.
(٣) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>