للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كل معاني الإصرار على العودة إليه، وتخليصه من براثن الوثنية. ولم ينته الأمر في شعبان شهر التميز عند هذا الحد، فلقد جاء إضافة إلى التميز في قبلة الصلاة، التميز في الصيام.

لقد كان يوم عاشوراء هو يوم صوم المسلمين، ولعلهم صاموه عاما على الأقل. وكان فريضة عليهم، وإذا بالآيات تترى لتؤكد تميز المسلمين في صومهم كذلك، وإن كان الأصل في الصيام واحدا عند المؤمنين في الأرض: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون (١)}.

وإن كانت هاتان الآيتان لا تتحدثان عن الاستقلال والتميز في شهر الصيام، فالآية التالية تؤكد هذا المعنى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه .. (٢)}.

فلقد أصبح رمضان منذ ذلك الوقت شهر الصيام الإسلامي، وإن كان أصل الصيام قائما بين المؤمنين. كما وأن أصل الصلاة قائم ومشترك بين المؤمنين. لكن تميز القبلة يعني انفصالا في الشعائر وتحديدا للهوية الإسلامية: {ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض}.

لقد انتهى عهد المجاملة والمسايرة على أمل الدخول في هذا الدين، وأعلنوا حربهم على الله تعالى وعلى رسوله وكفروا به وبالكتاب الذي أنزل مصدقا لما معهم. فلا مجال بعد الآن للمسايرة معهم {... ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين (٣)}.


(١) البقرة / ١٨٤.
(٢) الآية ١٨٥ من سورة البقرة.
(٣) من الآية ١٤٥ من سورة البقرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>