للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التقى الجمعان). بهذه المدلولات المنوعة الشاملة العميقة .. والله على كل شيء قدير. وفي هذا اليوم مثل من قدرته كل شيء .. مثل لا يجادل فيه مجادل، ولا يماري فيه ممار .. مثل من الواقع المشهود، الذي لا سبيل إلى تفسيره إلا بقدرة إله وأن الله على كل شيء قدير (١)).

وكانت بدر من حيث أثرها الخطير، ظاهرة كونية، فقد احتفل بها الإنس والجن والملائكة. ففي عالم الأرض وعالم البشر. نذكر أن سورة الروم عندما نزلت كانت تمثل آمال وطموحات عشرات المسلمين في مكة بأن ينتصر الروم أهل الكتاب في الأرض على الفرس الوثنيين في الأرض حيث كان الفرس والروم يقتسمون الأرض آنئذ. وكان هؤلاء العشرات من المسلمين والمئات من المشركين غفلا من التاريخ وأحداثه يتفرجون على صناعة الكبار في الأرض، ونذكر كيف تم الرهان بين أبي بكر رضي الله عنه وأحد المشركين على نصر الروم بعد بضع سنوات {الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله - صلى الله عليه وسلم -نصر من يشاء وهو العزيز الرحيم وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون (٢)}. لقد كان أقصى ما يحلم به المسلمون آنذاك بعد بضع سنين أن ينتصر الروم على الفرس، وبذلك تقوى شوكة المسلمين إن انتصر أهل الكتاب الأقرب إلى المسلمين على الفرس الأقرب إلى المشركين.

وتحقق موعود الله جل شأنه فانتصر الروم بعد تسع سنين من هزيمتهم أمام الفرس. وفرح المؤمنون بنصر الله، وكان وعد الله الذي لا يخلف، ولكن أكثر الناس لا يعلمون. هذا هو المدى الأقرب للآيات. أما المدى الأعمق فكان أكبر وأضخم في تاريخ البشرية، لقد فرح المؤمنون بنصر الله - صلى الله عليه وسلم -وم بدر. ويوم نصرهم جاءت أخبار انتصار الروم على الفرس. لقد جاء خبر انتصار


(١) في ظلال القرآن، المجلد الثالث - ص ١٥٢١ - ١٥٢٤.
(٢) سورة الروم الآيات من ١ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>