للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحداث يأملون ويدعون كما كانوا أيام انتصار الفرس على الروم. بل صاروا صناع أحداثه، في بدر وبعدها، وجاء هذا النصر من الحسم ومن الضخامة بحيث اجتث الباطل من جذوره. فلقد سقط قادة الكفر صرعى في هذه المعركة وهم الذين كانوا يحملون عبء الحرب ضد الدعوة خمسة عشر عاما أو تزيد، إنه جيل قادة كامل سقط على الساحة صريعا بين يدي هذه العصبة المؤمنة.

أما الجيل الجديد من القادة، والذي نجا يوم بدر فمعظمه كتب الله تعالى له الهداية فيما بعد وها نحن نستعرض هؤلاء القادة بشكل سريع: أبو جهل بن هشام المخزومي، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة الأمويان، وأمية ابن خلف الجمحي، وتبعهم بعدها، النضر بن الحارث العبدري، وعقبة بن أبي معيط الأموي، وأبو لهب الهاشمي. ونبيه ومنبه ابنا الحجاج السهميان. وقد عدد المقريزي أعداء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكبار في إمتاع الأسماع فكانوا سبعة وعشرين رجلا قتل منهم في بدر وبعدها بقليل قرابة العشرين. (وعن أبي طلحة أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوى من أطواء بدر خبيث مخبث (١)). وكان من فضل الله تعالى على المؤمنين أن سقط بعض هؤلاء الأبطال صرعى بيد العتبان الشباب من الأنصار. مثل مقتل أبي جهل وأمية بن خلف، وعلى يد المستضعفين من المسلمين أمثال بلال وعبد الله بن مسعود تحقيقا لموعود الله عز وجل.

{ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون (٢)}. فلقد سقط فرعون الأمة أبو جهل صريعا. وأخزاه الله على يد رويعي الغنم عبد الله بن مسعود، وكانت بدر في عالم الأرض عرسا للمؤمنين.

وكذلك كانت في عالم الجن.


(١) الرحيق المختوم المباركفوري عن مشكاة المصابيح متفق عليه.
(٢) القصص / ٥ و ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>