للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خزي إبليس يوم بدر فقال: (ما رؤي الشيطان يوما فيه أصغر ولا أدحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لما يرى فيه من تنزل الرحمة، وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رأى يوم بدر، فإنه رأى جبريل عليه السلام يزغ الملائكة (١)). لقد اندحر الشيطان وحزبه من الإنس والجن يوم بدر. وكانت الهزيمة الساحقة للشياطين في الأرض والكفار من الجن أشد هولا وأقسى مرارة منها على كفار قريش. بشهادة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - كما علمه من ربه - فلقد كانت أقسى هزيمة لإبليس على مدار تاريخه منذ خلقه إلى يوم يبعثون. فهو في أشنع هزائمه في كل سنة في عرفة حين تحبط مخططاته. ولكن هذا كله كان يهون عن هزيمة بدر حيث خطط لنصر حلفائه. فسقط مع حلفائه. حين جاء جبريل بنصر الله، وكانت عرسا في عالم الملائكة والملأ الأعلى، فلأول مرة يؤذن للملائكة، ولأميرهم جبريل عليه السلام أن يشترك مع ألف من سادة الملائكة في المعركة {إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم إني ممدكم بألف من الملائكة مردفين (٢) وما جعله الله إلا بشرى ولتطمئن به قلوبكم وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم (٣)} والله تعالى أصدر أوامره وتعليماته لهم بدخول المعركة السافرة. {إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار (٤)}.

وكانت فرحة الملائكة كبيرة بهزيمة المشركين، من الذين لم يحضروا المعركة، وارتفعت إليهم أرواح مجرمي قريش. {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد (٥)}. وبقي الملائكة الذين شهدوا


(١) رواه مالك مرسلا والبيهقي.
(٢) و (٣) الأنفال، ٩ و ١٠.
(٤) الأنفال ١٢ و ١٣ و ١٤.
(٥) الأنفال ٥٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>