للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كانت الحركة الإسلامية بشكل عام قد تجاوزت هذه المرحلة. فهذا لا يعني أن بعض أفرادها تتمثل بهم هذه المرحلة، وهؤلاء الأفراد المعنيون هم الذين يقومون بدور سري في التنظيمات المعادية. فلا يظهر تنظيمهم، ولا تظهر إسلاميتهم. إنهم في الحقيقة يوجدون في جميع المراحل، لكن المواصفات التي تنطبق عليهم هي مواصفات المرحلة الأولى في الحرص على إثبات انتمائهم الكامل للمجتمع الجاهلي الذي يعيشون فيه. ونشير إلى ملاحظة هامة في هذا الموضوع فهؤلاء الأشخاص ليسوا هم الذين بحددون دورهم.

إنما الذي يحدد لهم هذا الدور هي القيادة، والذي دفع لهذه الملاحظة ما نراه لدى بعض الشباب، الذي يعتبر نفسه منتميا للإسلام وللحفاظ على مصالحه ودنياه وامتيازاته يمالىء السلطة الباغية، ويتبنى مواقفها. بل يدخل في التنظيم الكافر، وينشر مبادئه ويدعو إليها، ثم يدعي بعد ذلك أنه مسلم بالسر.

هذا هو النفاق في المفهوم الإسلامي، وليس هو المرحلية.

إن الذي يقرر للشاب المسلم أو المرأة المسلمة هذا الدور هو قيادة الحركة الإسلامية. وليس تقديره الشخصي. والذين كانوا يمثلون هذا الدور في المراحل اللاحقة كانوا يؤدونه بتكليف من قيادتهم الإسلامية، لا بقناعاتهم الشخصية.

هذه ملاحظة، والملاحظة الثانية إن مثل هذا الدور، بالمواصفات السابقة يمكن أن يكون بمبادرة شخصية ودون تكليف من القيادة في حالة التعرض للأذى الماحق، حيث يباح للمسلم في هذه الحالة أن يتظاهر بالكفر، ولكن ليس في حالة الخوف من الأذى، والتفريق دقيق بين هاتين النقطتين.

لأن النقطة الأولى لها سند شرعي من القرآن الكريم في قوله تعالى: {.. إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان .. (١)} وقد نزلت في عمار بن ياسر رضي الله عنه حين تعرض للتعذيب، وما تركوه حتى ذكر آلهتهم بخير، وذكر محمدا - صلى الله عليه وسلم - بشر. وقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن عادوا فعد. أما الخوف من


(١) سورة النحل الآية ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>