للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحاربون هذه الدعوة. وسيان كانت هذه المنافسة من خلال المجموعات أو البلدان أو الأحياء. فهي تنتهي في حرب الطغاة وإبادة رؤوس الكفر. وتطالعنا كذلك، الآثار الضخمة لهذه العملية التي أشعلت الرعب في صفوف اليهود في خيبر وعرفوا أن يد المسلمين تطالهم في مضاجعهم، وتجتثهم من بين أحضان نسائهم وتجتالهم من منيع حصونهم.

إن حرب الرعب حرب إسلامية يحدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنها بقوله: نصرت بالرعب مسيرة شهر (١)، ويوم نخسر هذه الحرب نخسرها عقوبة كذلك، كما حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولينزعن من قلوب أعدائكم المهابة منكم (٢). فحين نخلص في الغاية، ونحسن التخطيط في الوسيلة، تنفتح أمامنا مغاليق العدو، ويصبح منالا سهلا وهدفا حيويا بمتناول اليد، وحين تختل الغاية، وتختل الوسيلة، فيصبح هذا السلاح بيد العدو.

لقد رأينا عبد الله بن عتيك رضي الله عنه يقوم بكل هذه العمليات الضخمة جهدا جسديا، وجهدا عبقريا مفكرا، وينال أكبر رأس من رؤوس الطغاة. ومع ذلك يأتي ليقول لإخوانه: النجاء فقد قتل الله أبا رافع. ولم يقل لهم: النجاء. فقد قتلت أبا رافع. إن عظمة العبودية لله عز وجل عنده أن لا ينسب القتل إليه مع أنه هو الذي خطط ونفذ وتأكد من نجاح مهمته، وأصيبت رجله. نحن بحاجة لمثل هذه النفسيات التي تخلص الغاية له، وتحسن الوسيلة وتحكمها وتهيء لها وسائلها ليتاح لنا النصر على أعدائنا، ولا حرج عندئذ في التنافس في الجهاد في سبيل الله، فلم يبحث الخزرج عن رجل عادي يقتلونه نفاسة للأوس، بل بحثوا عن رأس من رؤوس الطغاة على مستوى كعب بن الأشرف، ونود أن لا يدفعنا التنافس إلى هم الفنك فقط، بل لا بد من البحث عن طاغية جبار عنيد يكافىء الجهد المبذول لذلك.


(١) متفق عليه.
(٢) [من حديث رواه أبو داود، والبيهقي في (دلائل النبوة)].

<<  <  ج: ص:  >  >>