للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عشيرتك الأقربين} صعد النبي - صلى الله عليه وسلم - على الصفا، فجعل ينادي: يا بني فهر!. يا بني عدي! لبطون قريش، حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو؟ فجاء أبو لهب وقريش. فقال: أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدقي؟. قالوا:

نعم، ما جربنا عليك إلا صدقا. قال: فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب: تبا لك سائر اليوم، ألهذا جمعتنا؟ فنزلت {تبت يدا أبي لهب (١)).

وروى مسلم طرفا آخر من هذه القصة عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال:

لما نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعم وخص، فقال: يا معشر قريش انقدوا أنفسكم من النار، يا معشر بني كعب!

أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد! أنقذي نفسك من النار، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئا، إلا أن لكم رحما سأبلها ببلالها (٢).

هذه الصيحة العالية هي غاية البلاغ، فقد أوضح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلة بينه وبينهم. وإن عصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله (٣).

وننتقل بعد عرض بداية هذه المرحلة من خلال النصوص إلى عرض مواصفاتها العامة. علما بأن هذه المرحلة تنتهي بعد عام الحزن. حيث اتجه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خارج مكة ساعيا لإقامة دولة الإسلام، ومدة هذه المرحلة على هذا الأساس سبع سنين.


(١) صحيح البخاري ٢/ ٧٠٢ - ٧٤٣.
(٢) صحيح مسلم ١/ ١١٤.
(٣) الرحيق المختوم ص ٨٩ - ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>