للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله من خلقه ولو تبجح الكفر وتمرد، فهذه في ميزان الله خواء. فالمواساة إذن من الله يوم تطبق الأرض على المؤمنين فيقول الله تعالى لنبيه الكريم: {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم إن الذين اشتروا الكفر بالإبمان لن يضروا الله شيئا ولهم عذاب اليم ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين}.

٣٥ - ليميز الخبيث من الطيب. هذه سنة الله تعالى مع جنده المؤمنين، وهذه خلاصة المحنة وهذه زبدة الدرس التربوي الخالد المستمر على مر العصور.

{وما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء فآمنوا بالله ورسله وإن تؤمنوا وتتقوا فلكم أجر عظيم}. وما كانت محنة أحد إلا تطبيقا عمليا لهذا الدرس ولهذه السنة، السنة الثابتة المستمرة على مر العصور ابتدأت {قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين}. وانتهت: {ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب (١)}.

مع سورة بني النضير

كان لهذه السورة صدى طيب عظيم في نفوس المسلمين، فهي أول نصر تحقق بعد المحن المتتابعة: أحد والرجيع وبئر معونة. والغيظ من اليهود وقد بلغ ذروته حيث أنهم أظهروا الشماتة للمسلمين بعد محنتهم، وأظهروا العداوة، وحاولوا اغتيال الرسول - صلى الله عليه وسلم -. فكانت شفاء للصدور المؤمنة، وبلسما للجراح الراعفة، وفضيحة للمنافقين المتواطئين مع اليهود، وذلك في معالم واضحة:


(١) الآيات التي نزلت في غزوة أحد من سورة آل عمران من ١٣٧ إلى ١٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>