للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت التعمية والمبالغة في السرية كفيلة أن تموه الأمر على قريش لسببين أو ثلاثة.

السبب الأول: إن الأرقم لم يكن معروفا بإسلامه. فما كان يخطر ببالها أن يتم لقاء محمد وأصحابه بداره.

السبب الثاني: إن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه من بني مخزوم، وقبيلة بين مخزوم هي التي تحمل لواء التنافس والحرب ضد بني هاشم. فلو كان الأرقم معروفا بإسلامه فلا يخطر في المال أن يكون اللقاء في داره لأن هذا يعني أنه يتم في قلب صفوف العدو.

السبب الثالث: إن الأرقم بن أبي الأرقم رضي الله عنه كان فتى عند إسلامه. فلقد كان في حدود السادسة عشرة من عمره، ويوم تفكر قريش في البحث عن مركز التجمع الإسلامي فلن يخطر في بالها أن تبحث في بيوت الفتيان الصغار من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - بل يتجه نظرها وبحثها إلى بيوت كبار أصحابه، أو بيته هو نفسه عليه الصلاة والسلام.

فقد يخطر على ذهنهم أن يكون مكان التجمع على الأغلب في أحد دور بني هاشم، أو في بيت أبي بكر الصديق رضي الله عنه أو في بيت عثمان بن عفان أو غيرهم. ومن أجل هذا نجد أن اختيار هذا البيت كان في غاية الحكمة من الناحية الأمنية، ولم نسمع أبدا أن قريشا داهمت ذات يوم هذا المركز وكشفت مكان اللقاء. إنما كان أقصى ما وصلت إليه هو شكها أن يكون اللقاء في دار عند الصفا.

ولقد شهدنا مكان هذه الدار قبل أن تزال معالمها بجوار الصفا. لكن من الصعب أن نتصور موقعها بين بيوتات مكة، ولم نجد في كتب السيرة وصفا محددا لها.

<<  <  ج: ص:  >  >>