للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك وقال سهيل بن عمرو: هذا أول من قاضيتك عليه رده! فقال رسول - صلى الله عليه وسلم - إنا لم نقض الكتاب بعد فقال سهيل: والله لا أكاتبك على شيء حتى ترده إلي فرده عليه، وكلمه أن يتركه، لأبى سهيل وضرب وجهه بغصن من شوك فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. هبه لي، أو أجره من العذاب. فقال: والله لا أفعل، فقال مكرز وحويطب: يا محمد نحن نجيره لك. فأدخلاه فسطاطا فأجاراه فكف عنه أبوه ثم رفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته فقال: يا أبا جندل اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك فرجا ومخرجا. إنا عقدنا بيننا وبين القوم صلحا وأعطيناهم على ذلك عهدا وإنا لا نغدر وعاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى رسول الله. فقال: يا رسول الله: ألست برسول الله: قال، بلى! قال: ألسنا على الحق؟ قال: بلى! قال: أليس عدونا على الباطل؟ قال: بلى! قال: فلم نعط الدنية في ديننا؟ فقال: إني رسول الله ولن أعصيه، ولن يضيعني. فانطلق إلى أبو بكر رضي الله عنه فقال له مثل ذلك. فأجابه بنحو ما أجاب به رسول الله ثم قال: ودع عنك ما ترى يا عمر فوثب إلى أبي جندل يمشي إلى جنبه وسهيل يدفعه وعمر يقول: اصبر أبا جندل، فإنما هم المشركون، وإنما دم أحدهم دم كلب! وإنما هو رجل، ومعك السيف. (يحرضه على قتل أبيه) وجعل يقول: يا أبا جندل: إن الرجل يقتل أباه في الله! والله لو أدركنا آباءنا لقتلناهم في الله فرجل برجل، فقال له أبو جندل: ما لك لا تقتله أنت؟ قال عمر: نهاني رسول الله عن قتله وقتل غيره، قال أبو جندل: ما أنت أحق بطاعة رسول الله مني! وقال عمر ورجال معه: يا رسول الله: ألم تكن حدثتنا أنك تدخل المسجد الحرام وتأخذ مفتاح الكعبة، وتعرف مع المعرفين؟ وهدينا لم يصل إلى البيت ولا نحن! فقال: قلت لكم في سفركم هذا؟ قال عمر: لا فقال - صلى الله عليه وسلم -: أما إنكم ستدخلونه، وآخذ مفتاح الكعبة وأحلق رأسي ورؤوسكم ببطن مكة وأعرف مع المعرفين، ثم أقبل على عمر فقال: أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم؟ أنسيتم يوم الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار؟ أنسيتم يوم كذا؟ أنسيتم يوم كذا؟ والمسلمون يقولون: صدق الله ورسوله. يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه.

(فلما حضرت الدواة والصحيفة بعد طول الكلام والمراجعة دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوس بن خولي يكتب، فقال سهيل: لا يكتب إلا ابن عمك علي، أو عثمان بن عفان، فأمر عليا فكتب فقال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم. فقال سهيل، لا أعرف الرحمن. اكتب ما نكتب: باسمك اللهم فضاق المسلمون بذلك وقالوا: هو الرحمن. والله لا نكتب إلا الرحمن. قال سهيل إذن لا أقاضيه على شيء، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اكتب باسمك اللهم. هذا ما اصطلح عليه محمد رسول الله فقال سهيل: لو أعلم أنك رسول الله ما خالفتك، واتبعتك، أفترغب عن اسمك واسم أبيك محمد بن عبد الله؟ فضج المسلمون ضجة هي أشد من الأولى حتى ارتفعت الأصوات وقام رجال يقولون: لا نكتب إلا محمد رسول الله! وأخذ أسيد بن حضير وسعد بن عبادة رضي

<<  <  ج: ص:  >  >>