للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو رافقها في سفر طويل. لأن هذه الضرورة تقدر بقدرها والحركة الإسلامية وقيادتها لها الولاية على كل امرأة مسلمة تقع في براثن العدو ولو كان هذا العدو أباها أو أخاها أو زوجها لقد قرر الإسلام هذا المبدأ في هذا الظرف، واعتبر رابطة الإسلام فوق رابطة الزوجية وذلك في قوله تعالى:

{يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهن فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلوف لهن وآتوهم ما أنفقوا ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن ولا تمسكوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله. يحكم بينكم والله عليم حكيم، وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون} (١).

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على استعداد أن ينقض الاتفاق كله بأمر الله عز وجل لحماية المرأة المسلمة المهاجرة.

وما أروع هذا المعنى أن تفقهه المرأة المسلمة.

فقيادة الإسلام على إستعداد أن تشن حربا كاملة وتخسر أضخم الامتيازات لحماية إمرأة مسلمة مهاجرة مجاهدة.

ومما كتبه عروة بن الزبير رضي الله عنه للزهري حول هذه الآية. ما يزيد المعنى وضوحا وجلاء قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان صالح قريشا يوم الحديبية على أن يرد إليهم من جاء بغير إذن وليه. فلما هاجر النساء إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإلى الإسلام أبى الله أن يرددن إلى المشركين إذا هن امتحن بمحنة الإسلام. فعرفوا أنما جئن رغبة في الإسلام وأمر برد صدقاتهن إليهم إن احتبسن عنهم. إن هم ردوا على المسلمين صداق من حبسوا عنهم من نسائهم. ذلكم حكم الله يجكم بينكم والله عليم حكيم. فأمسك رسول الله النساء ورد الرجال وسأل الذي أمره الله به أن يسأل من صدقات نساء من حبسوا منهن. وأن يردوا عليهم مثل الذي يردونه عليهم إن هم فعلوا. ولولا الذي حكم الله به من هذا الحكم لرد رسول الله النساء كما رد الرجال، ولولا الهدنة والعهد الذي كان بينه وبين قريش يوم الحديبية لأمسك النساء ولم يردد لهن صداقا. وكذلك كان يصنع بمن جاءه من المسلمات قبل العهد.

لقد انتهت رابطة الزوجية بين المسلم والكافرة وبين المسلمة والكافر، وأصبحت العلاقة


(١) سورة الممتحنة الآيتان ١١،١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>