للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السمة التاسعة:

إنهاء الوجود اليهودي في جزيرة العرب: غزوة خيبر

كان مما وعد الله تعالى به المؤمنين في سورة الفتح، قوله عز وجل:

{لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم وأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما} (١).

وسنأخذ تلخيص المباركفوري عن الغزوة فهو من أشمل ما كتب عنها وأوفاه:

(كانت خيبر مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على بعد ستين أو ثمانين ميلا من المدينة في جهة الشمال، وهي الآن قرية في مناخها بعض الوخامة.

سبب الغزوة: ولما اطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أقوى أجنحة الأحزاب الثلاثة وأمن منه أمنا باتا بعد الهدنة أراد أن يحاسب الجناحين الباقين - اليهود وقبائل نجد - حتى يتم الأمن والسلام، ويسوذ الهدوء في المنطقة، ويفرغ المسلمون من الصراع الدامي المتواصل إلى تبليغ رسالة الله والدعوة إليه.

ولما كانت خيبر هي وكرة الدس والتآمر، ومركز الاستفزازات العسكرية ومعدن التحرشات وإثارة الحروب، كانت هي الجديرة بالتفات المسلمين أولا.

أما كون خيبر بهذه الصفة، فلا ننسى أن أهل خيبر هم الذين حزبوا الأحزاب ضد المسلمين وأثاروا بني قريظة على الغدر والخيانة، ثم أخذوا في الاتصالات بالمنافنين - الطابور الخامس في المجتمع الإسلامي - وبغطفان وأعراب البادية - الجناح الثالث من الأحزاب - وكانوا هم أنفسهم يهيؤون للقتال فألقوا المسلمين بإجراءاتهم هذه في محن متواصلة حتى وضعوا خطة لاغتيال النبي - صلى الله عليه وسلم - وإزاء ذلك اضطر المسلمون إلى بعوث متوالية وإلى الفتك برأس هؤلاء المتآمرين، مثل سلام بن أبي الحقيق، وأسير بن رزام، ولكن الواجب على المسلمين إزاء هؤلاء اليهود كان أكبر من ذلك وإنما أبطأوا بالقيام بهذا الواجب لأن قوة أكبر وأقوى وألد وأعند منهم - وهي قريش - كانت مجابهة للمسلمين، فلما انتهت هذه المجابهة صفا الجو لمحاسبة هؤلاء المجرمين، واقترب لهم يوم الحساب.

الخروج إلى خيبر: قال ابن إسحاق: أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة حين رجع من الحديبية ذا الحجة وبعض المحرم: ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر .. فلما أراد رسول الله الخروج إلى خيبر. أعلن أنه لا يخرج معه إلا راغب في الجهاد، فلم يخرج إلا أصحاب


(١) سورة الفتح الآيتان ١٩و٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>