للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخوف والسلطة.

٢ - أما الحديث عن المخالفات فهو عجيب حقا. نستمع إلى النماذج التي حدثت في هذه الغزوة: (وشرب الخمر رجل من المسلمين يقال له: عبد الله الحمار. فخفقه رسول الله بنعليه، وأمر من حضروه فخفقوه بنعالهم، ولعنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: فإنه يحب الله ورسوله، ثم راح عبد الله كأنه أحدهم فجلس معهم) (١).

(ونادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أدوا الخياط (٢) والمخيط (٣) فإن الغلول عار وشنار ونار يوم القيامة. فعصب فروة رأسه بعصابة ليستظل بها من الشمس فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عصابة من نار عصبت بها رأسك فطرحها .. وتوفي رجل من أشجع فلم يصل عليه وقال: إن صاحبكم غل (٤) في سبيل الله، فوجد في متاعه خرز لا يساوي درهمين (٥)).

نذكر هذه الهنات ونذكر معها مثلا آخر مما وقع بين يدي المسلمين وكانوا قادرين على الغلول فيه:

(قال ابن وهب: قلت لمالك: وما الكتيبة؟ قال: من أرض خيبر وهي أربعون ألف عذق فوجد خمسمائة قوس عربية، ومائة درع، وأربعمائة سيف، وألف رمح) (٦).

وفي مكان آخر: وصالح كنانة بن أبي الحقيق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل الكتيبة فأمن الرجال والذرية، ودفعوا إليه الأموال والذهب والفضة والحلقة والثياب إلا ثوبا على إنسان بعد ما حصرهم أربعة عشر يوما (٧).

في هذه الغنائم الكثيرة المثقلة من المال والمتاع والسلاح والطعام، وجد من أخذ خرزا لا يساوي درهمين، ومن عصب رأسه بعصابة. وكان الجزاء الصارم أن قيل لصاحب العصابة عصابة من نار تعصب بها رأسك (٨). ولم يصل على الثاني لهذا الغلول.


(١) المصدر نفسه ج ١ ص ٣١٩.
(٢) الخياط: الخيط.
(٣) المخيط: الإبرة يخاط بها.
(٤) غل من الغنم: خان وسرق.
(٥) المصدر ج ١ ص ٣٢٣.
(٦) إمتاع الاسماع ج ١ ص ٣١٩، ٣٢٠.
(٧) المصدر نفسه ٣١٩.
(٨) يحسن أن نذكر أن صاحب العصابة هو المسؤول عن حفظ الغنائم وتوزيعها، ولشدة عمله وصعوبته استظل بالعصابة من حر الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>