للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يقص عليه التعذيب الذي لاقاه: كيف تجد قلبك؟ قال: مطمئن بالإيمان.

قال: إن عادوا فعد.

وتفاوت المسويات إذن ممكن في الحركة الإسلامية بين الصبر على التعذيب حتى الموت الذي يمثل العزيمة، وبين التظاهر بالكفر الذي يمثل الرخصة. وإن كان الموقفان جائزين، غير أن الصبر على البلاء وتحمل الأذى، ولو أدى إلى الاستشهاد في سبيل الله أفضل عند الله وأكرم. ويتعين أحيانا طريق العزيمة حين يكون الداعية ذا مركز خطير في مجتمعه، أو بمثابة القدوة يعرف الإسلام من خلاله. لأن تراجعه يضعف ثقة الناس بهذه العقيدة ويزلزل الضعفاء فيتراجعون خوفا وخورا، ولا شيء أشد أثرا في يقين الناس

وفي نفوسهم من ثبات الرجال على عقائدهم. لكننا لا نقيم النكير على من تراجع تحت وطأة التعذيب. بل نجد له عذرا وقسمة في ذلك.

السمة الثالثة عشرة

محاولة إنقاذ المستضعفين بكل الوسائل الممكنة

فلقد كانت المحاولة الأولى في العتق للموالي والعبيد.

وكان الذي يحمل عبء هذه المحاولة أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

فلقد كان الثري الوحيد في صفوف المسلمين (فلقد أعتق على الإسلام قبل أن يهاجر إلى المدينة ست رقاب بلال سابعهم: عامر بن فهيرة وأم عبيس وزنيرة - وأصيب بصرها حين أعتقها فقالت قريش: ما أذهب بصرها إلا اللات والعرى! فقالت: كذبوا وبيت الله، ما تضر اللات والعزى وما تنفعان! فرد الله بصرها - وأعتق النهدية وابنتها، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار. فمر بهما وقد بعثتهما سيدتهما بطحين لها وهي تقول: والله لا أعتقكما أبدا! فقال أبو بكر: حل يا أم فلان! فقالت: حل أنت أفسدتهما فأعتقهما. قال: فبكم هما؟

قالت: بكذا وكذا، قال: قد أخذتهما وهما حرتان، أرجعا إليها طحينها قالتا:

<<  <  ج: ص:  >  >>