للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأخذت بشاربه. فقالت: اقتلوا الحميت الدميم الأحمس (١) قبح من طليعة قوم! قال: ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم ما لا قبل لكم به، فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن، قالوا: قاتلك الله وما تغني عنا دارك، قال: ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد.

وصول النبي إلى ذي طوى: قال ابن إسحاق: فحدثني عبد الله بن أبي بكر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما انتهى إلى ذي طوى. وقف على راحلته معتجرا بشقة برد حبرة (٢) حمراء وإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليضع رأسه تواضعا لله حين رأى ما أكرمه الله به من الفتح، حتى إن عثنونه ليكاد يمس واسطة الرحل.

دخول جيوش المسلمين مكة: وحدثني عبد الله بن أبي نجيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فرق جيشه من ذي طوى، أمر الزبير بن العوام أن يدخل في بعض الناس من كدى، وكان الزبير على المجنبة اليسرى، وأمر سعد بن عبادة أن يدخل في بعض الناس من كداء (٣).

طريق المسلمين في دخول مكة: قال ابن إسحاق: وقد حدثني عبد الله بن أبي نجيح في حديثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر خالد بن الوليد، فدخل من الليط، أسفل مكة في بعض الناس.

وكان خالد على المجنبة اليمنى، وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب وأقبل أبو عبيدة بن الجراح بالصف من المسلمين ينصب لمكة بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودخل رسول الله من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة، وضربت له هناك قبته.

تعرض صفوان في نفر معه للمسلمين: قال ابن إسحاق: وحدثني عبد الله بن أبي نجيح وعبد الله بن أبي بكر أن صفوان بن أمية وعكرمة بن أبي جهل وسهيل بن عمرو كانوا قد جمعوا ناسا بالخندمة ليقاتلوا، وقد كان حماس بن قيس بن خالد، أخو بني بكر يعد سلاحا قبل دخول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويصلح منه، فقالت له امرأته: لماذا تعد ما أرى؟ قال: لمحمد وأصحابه قالت: والله ما أراه يقوم لمحمد وأصحابه شيء: قال والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم، ثم قال:

إن يُقبلوا اليوم فما لي عِلَّه ... هذا سلاح كامل وأله (٤)

وذو عزارين سريع السِّله (٥)

ثم شهد الخندمة مع صفوان، وسهيل وعكرمة، فلما لقيهم المسلمون من أصحاب خالد


(١) الحميت الدميم الأحمس: الشديد اللحم والمعنى على تشبيه الرجل بالزق لعبالته وسمنه.
(٢) الحبرة: ضرب من ثياب اليمن.
(٣) جبل بأعلى مكة (كداء).
(٤) أله: الحربة لها سنان طويل.
(٥) ذو عزارين: ذو حدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>