للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدليل أصيل على عظمة هذا الدين الذي يجعل أبناءه أسرة واحدة، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.

السمة الرابعة عشرة

الطريق الثانية للحماية عن طريق الهجرة

فالبقاء بين براثن الشرك حتى يتمكن الشرك من إبادة المسلمين عملية خرقاء. صحيح أن الجندي يتحتم عليه أن يتحلى بالصبر، ويتقبل المصيبة بصدر رحب ويثبت على دينه، لكن مهمة القيادة الأساسية هي حماية جنودها من الخطر، غير أن هذه الحماية لا تكون على حساب العقيدة أو الشريعة، في هذا الإطار تتحرك القيادة، ومن أجل هذا نرى سيد القادة محمدا عليه الصلاة والسلام يبحث في الأرض كلها عن مكان آمن. ولا تستطيع يد الشرك أن تطاله. وكان هذا المكان هو أرض الحبشة.

فقد روى ابن هشام عن ابن إسحاق في السيرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال للمسلمين: (لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد.

وهي أرض صدق. حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه.

فخرج عند ذلك المسلمون من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أرض الحبشة مخافة الفتة وفرارا إلى الله بدينهم. فكانت أول هجرة كانت في الإسلام) (١).

(... وكان خروجهم في رجب من السنة الخامسة من المبعث. فأقاموا بالحبشة شعبان ورمضان. وخرجت قريش في آثارهم حتى جاؤوا البحر فلم يدركوا منهم أحدا، ثم رجعوا إلى مكة في شوال لما بلغهم أن قريشا صافوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكفوا عنه ...


(١) تهذيب السيرة لابن هشام ص ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>