للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصفاد، وعادوا ثعالب يروغون وكانوا كالآساد. ونزلوا من سماء العز إلى أرض الهوان، فأذعنوا للضراعة وتضرعوا بإذعان، وأخرجوا أسارى المسلمين ليشفعوا لهم في طلب الأمان.

وصارت صفد للمسلمين صدفا، وكانت للمشركين هدفا. وعادت للإسلام سدا، بعد أن كانت للكفر رداءا ومردا. وطالما مكث فيها المشركون (وقالوا اتخذ الرحمن ولدا، لقد جئتم شيئا إدا، تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا). ولقد كانت مارنا للكفر جدع، ومرفقا للشر قطع. وناظرا للعدو غض وقد شخص، وجارحا له هيض وقد قنص. ويدا للباطل شلت وقد امتدت، وعقدة للضلالة حلت وقد اشتدت. وتخلصت الداوية بأدواتها، وتمصلت بأسوائها. وصاروا في صور، وأبدوا بعد استطالتهم القصور.

[ذكر ما دبره الفرنج في تقوية قلعة كوكب فانعكس عليهم التدبير]

لما عرف من بصور من الفرنج أن صفد لنا صفت؛ وأنها على الفتح الذي يشفى

أشفت؛ قالوا ولم يبق لما إلا كوكب، وأن صلاح الدين عن قصدها لا يتنكب. وقد أقوت من القوة، وهي تهي أن لم نعالجها وتعالجها بالنجدة المدعوة. وقد ضعف رجاؤها لضعف رجالها، وقل ظهورها لظهور إقلالها، وهذا أوان أنجائها وأنجادها، وهي مشرفة على العدم فدبروا في إيجادها. فإذا قويناها وحميناها بقيت عدة في العواقب، وعصمة من النوائب فقال مقدم الاسبتار هي كوكبنا المنلالي ومنكبنا العالي. ومعقلنا المحكم، ومعقدنا المبرم. وحصننا الحصين، ومكاننا المكين. ولنا منه المربع المريع، والمنبع المنيع، والمحل المحلى، والمعلم المعلى. وهي قفل من البلاء على البلاد، ومؤمل من الخطوب الشداد. ولعلها تثبت إلى أن توافينا من البحر ملوكنا، وتعود إلى عادة الانتظام سلوكنا، فما تبطئ جداتنا، وما تخطئ نجداتنا.

وأجمعوا على تسيير مائتي رجل من النخب، المعدين لدفاع النوب. من كل جرخي نخى، وكمى أكمى، وجهم جهنمي. وسقر سقرى، ووعل جبلى، وبطل باطلى. وكلب كلب، وذئب سغب. وعاسل معاسر، وباسل باسر. ومغوار مغو، ومتلوم متلو، وذمر متذمر، ونمر متنمر. وسبع ضار، وشواظ من نار. وجمر من الجحم، وحام من الحميم. من شيطين يجنون الجنون، ويمونون المنون، ويشينون الشئون، ويهدون الهدون، وويحزون الحزون، ويفوتون الفتون، ويظنون بالله الظنون.

وقالوا لهم كيف تمضون وطريق السلامة مخيف، وطارق الإسلام مطيف، والشجا منيف، والشجب مضيف فقالوا نحن نسير ونصير في ضمائر الكهوف أسرارا، وعلى أجياد الأطواد أزرارا، وفي أوكار المغارات أطيارا، وفي أعماق السيول اكدارا، وعلى ظهور الريود أوزارا، نسري ليلا ونختفي

<<  <   >  >>