للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكتبنا في شكره

وصل السلاح، وتم للإسلام من قروح الكفر الاقتراح، واستجيدت التراس والرماح، وفارقت للقائها أجسام الأعداء الأرواح. واتصل بالنفط الواصل من أهل النار الاحتراق، وطعنت وضربت منهم النحور والأعناق. وقد هدأ بما أهداه النصر إلى الهدى، والردى إلى العدا. وأجود الأكارم وأكرم الأجاود من جاد بما أجدى وأهدى ما هدى، وعاد من المكرمة بما بدا.

لا أخلى الله المجلس من يد يتخذها، وأياد يسيرها وينفذها، ومحمدة يستخلصها لنفسه ويستنقضها، وحمية للدين يقم بها حماة الشرك ويقذها. ونخوة للإسلام تمهى حدود الهمم النابية وتشحذها.

وما طلب من العدة ما طلب إلا للحاجة الحاقة، والضرورة الشاقة. فإن الحروب المتطاولة المدد، أتت على جميع العدد. فالسمر متحطمة، والبيض متثلمة، ووجوه الصفاح بلثام النجيع متلثمة. وعيون النصال عن حواجب القسي إلى مقل الأقران رامقة مارقة، وحمام الحمام في مريشات السهام بكتب الكبت من حنايا المنايا

السائقة سابقة.

وقد أفنى المصال النصال، والنضال النبال. والرماد الافواق، واللقاء العتاق. والمصاع المناصل، والقراع الذوابل، والصيال الصواهل، وعمل الجهاد الدائم العوامل. فلا ضامر إلا وهو وأن كان غالبا لاغب، ولا صارم إلا وهو في دم العدو الفائض ناضب. ولا جارح إلا وهو مجروح، ولا قارح إلا وهو مقروح. ولا جامح إلا وهو مصحب، ولا باشر إلا وهو مقطب.

فبأية عدة من هذه العدد انجد، غار الحمد وأنجد، وتأسس الشكر لأنعامه وتمهد. ومن العجب أن العدة تفنى ولا تفنى العداة، وتنمو على الحصاد وكأنها النبات، ويتسارع إلى إمدادها الموت والهلاك ويخلفها في إبدالها الحياة. فإن البحر يمدهم، والكفر إلى الردى يردهم، وكلما أخلقتهم الأيام فإن الليالي تجدهم. وما جمعهم القدر إلا ليفرقهم، وما حمل أهل النار في الماء إلا ليغرقهم في دمائهم وبنار البواتر يحرقهم.

[ذكر عماد الدين صاحب سنجار وما عزم عليه من تجهيز ولده]

ورد الخبر بأن عماد الدين قد جهز عسكره، وقدم عليه قطب الدين ولده وسيره. فقال السلطان هذه أيام الشتاء، ولا ينتصف فيها من الأعداء. ونحن محتاجون إلى العسكر في الربيع، واستنهاض الجموع إلى شمل النصر الجميع فكتب بتأخيره، والتمهل في تسييره. فتأثر قلب عماد الدين برد ولده، ورجوعه بعد المسير من بلده.

فكتب إليه السلطان من مكاتبة

كان لما انتهى إليه صدق اهتمام المجلس بأمره؛ والتقدم بتجهيز العسكر إلى

<<  <   >  >>