للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على طريق القادم، وأنه يعود كل منهم إلى مكانه أخذا بحكم الحازم.

فأول من سار (ناصر الدين محمد) ولد الملك المظفر صاحب منبج، ليجمع على طريق العدو ويزعج ويرهج.

ثم (عز الدين بن المقدم) الباسل المعلم. ثم (مجد الدين بهرامشاه) صاحب بعلبك، ليجمع ويأخذ على العدو المسلك. ثم (سابق الدين عثمان) صاحب شيرز، الليث الهمام القسور. ثم (الياروقية) أسد الهياج، ونجوم ليل العجاج.

ثم رحل (الملك الأفضل) وقد عرض له ألم، ثم (بدر الدين) وإلى دمشق وقد ألم به سقم، ثم سار (الملك الظاهر صاحب حلب) لاضطرابها بغيبته وبهذا الخبر، والخوف الناس فيه أنهم على الخطر. حتى غلت الأسعار واستعرت الغلة، وخلت الأماكن وتمكنت الخلة.

ثم رحل (الملك المظفر تقي الدين) لحفظ ثغر اللاذقية وجبلة، ويثبت بقدومه عليها الرعية الخائفة المجفلة، وكان هو آخر من سار ليلة السبت التاسع من جمادى الآخرة.

ورتب السلطان منازل العساكر الحاضرة. وخفت الميمنة برحيل معظم من كان فيها مقيما، ولحفظ النوب في اليزك مستديما. فانتقل الملك العادل إليها، وجاء إلى منزلة الملك المظفر ونزل عليها. واستقام الترتيب وترتب المقام، واعتز الصادقون وصدق الاعتزام. ثم مرض أكثر العسكر وخام للوخم، وألم بالبعد للألم. وكان بحمد الله المرض سليم العاقبة قريب العافية، مستعقبا لألطاف الله الواقعية الوافية. ووقع المرض في الفرنج وكان المبيد المبير، والمدنى لأصحاب السعير. وعم فيهم الموت والوبا، وكثر عن نبواتهم النبا. وتقدم السلطان بهدم سور طبرية وهدم يافا وأرسوف وقيسارية وهدم سور صيداء وجبيل ونقل أهلهما إلى بيروت.

[عاد حديث ملك الألمان]

وأما ولد ملك الألمان فانتحس، مرض أياما في بلد الرمن واحتبس. وهلك أصحابه جوعا، ومنهم من عزم رجوعا. ووقع الموت في حيلهم، فآذن ذلهم بقلوص ذيلهم. وقدم لمرضه؛ والتياث جوهره بعرضه؛ جموعه قدامه، وساروا أمامه. وخرجوا لكثرتهم في ثلاث نوب، في بيض وسمر وبيض ويلب. ومعظم رجالهم حملة عصا وركاب حمير، غير عارفين بطريق ولا متحفظين في مسير. والناس يلتقطونهم ويتخطفونهم، ويتألفون عن مسالكهم ويتلفونهم.

ووصلوا إلى إنطاكية ووصل إليها الملك، بعد أن ضاق به وبجمعه إليها المسلك. وضاق به الابرنس صاحب إنطاكية ذرعا، ولم يجد لهم عنده مطمعا ولا مرعى. وطلب منه القلعة فأخلاها له ونقل إليها ماله وأثقاله. وسأله أن يجعل طريقه على حلب فخاف، وأبدى له الخلاف. وقبل وصوله إلى إنطاكية فلت جموعه وجنوده،

<<  <   >  >>