للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يركب فيراكبوا، ويثب فيثبوا. وكان في هذه الفترة للبلد بقاء رمق، وزوال فرق، وانتعاش عثرة، وانجبار كسرة، وانطفاء جمرة، وانسداد ثغرة.

[فصل من كتاب إلى صاحب الموصل في شكر وصول ولده ووصف الحال في ضعف البلد]

قدم علاء الدين - دام علاؤه - في مقدمي الجنود الانجاد، ووقف اجتهاده على موقف الجهاد. وما أكرمه قائما في المقام الكريم، وعظيما خاطبا دفاع الخطب العظيم. ووصل فوصل جناح النجاح، وأنشر الصدور بما صدر به لها من نشر الانشراح، وجاء والكريهة ذاهبة بالأرواح، والحرب ساقية طلاء الطلى في

صحاف الصفاح، وقد برزت بنات الأغماد الذكور على أكف أكفاء الكفاح، لنكاح الهام بالسفاح، وشارك في الجهاد وشد الأزر، وسدد الأمر. وآزر وعضد، وظاهر وأسعد. ولا خفاء عن العلم بحال الفرنج في هذه السنة؛ واجتماع ملوكهم وكنودهم؛ وتوافد إمداد حشودهم، وقد استشرى شرهم، واستضرى ضرهم، وأعضل خطبهم، واستفحل امرهم. واشتغلوا منذ وصلوا بنصب منجنيقات، وتركيب آلات ودبابت. وزحفوا إلى بلد عكاء بجمعهم، ووقدوا بجمرهم. واخذوا فيه نقوبا، وحكموا في الأسوار من الأسواء بضرب المجانيق ضروبا. والثغر الآن قد أشرف، والعدو قد أسرف. وكلما زحف إلى الثغر زحفت العساكر الإسلامية إليه، والعدو بخندقه محتجز، ولفرصة الغفلة عنه منتهز، ومن جثوم الموت عليه في مجثمه محترز. ولم يبق إلا أن يتدارك الله الثغر بلطفه، ويجريه على المعروف من عادة نصره وعرفه.

والمجاهدون فيه قد هانت عليهم المهج، ووضح لهم في ثبات جنابهم المنهج. وفي كل يوم يسدون بأشلاء الهاجمين عليهم الثلم، ويجلون عنهم بما يشبونه من نيران الظبا الظلم.

والعدو قد لج، والحديد من قرع الحديد قد ضج. والبلد مشف، والبلاء عليه موف. والمأمول من الله أن يأتي من نصره بما ليس في الحساب، وأن يعيد ما جمح من أمر الأصحاب إلى الأصحاب، ويكفى هذه النوبة الصعبة، فهو كافي النوب الصعاب.

[فصل في وصف عسكر عماد الدين]

وصلت العساكر التي وفت بعدتها المناجدة، ووافت بعدتها المنى جده. وأقبلت إقبال الآساد في عرين الوشيج، وماجت موج البحار في غدير الزغف النسيج. واستهلت استهلال الرواعد البوارق، والمت بالعدا إلمام العوادي الطوارق.

ولقد جاءت في وقتها منجدة من جدة. موجدة للانتقام من الكفر بكل موجدة. واستظهر الإسلام

<<  <   >  >>