للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر من في الدار فسترن عليه بغضا لأبيه، وإيثارا للراحة منه، فبقى في دار أبيه أياما مختفيا.

واتفق أن أباه شرب يوما ظاهر البلد، ولم يزل يقترح على المغنين في ذلك اليوم أن يغنوا له في أبيات الفراق وهو يبكى، فكأنه استشعر دنو أجله.

ثم دخل إلى داره، ونزل عند بعض حظاياه وهو سكران، وكان ابنه عند تلك الحظية، فقام معز الدين ليدخل بيت الخلاء، فهجم عليه ولده غازى، فضربه بالسكين أربع عشرة ضربة، ثم ذبحه، وتركه ملقى ودخل الحمام، وقعد يلعب مع الجوارى؛ فلو أحضر الجند (١) واستحلفهم لملك البلد، لكنه سكن واطمأن، فخرج بعض الخدم الصغار، وأعلم أستاذ دار أبيه بالواقعة، فأحضر أعيان الدولة وعرّفهم ذلك.

ثم أغلق أبواب (٢) الدار على غازى، واستحلف الناس لأخيه معز الدين محمود بن سنجر شاه.

ولما حلف الناس فتحوا الباب وهجموا على غازى فقتلوه، وألقوه على الباب فأكلت الكلاب بعض لحمه، ثم دفنوه.

ووصل معزّ الدين محمود، واستقر ملكه بالجزيرة، وقبض على جوارى أبيه فغرّقهن في دجلة.

فذكر أنه كان يأخذ الجارية، فيجعل وجهها في النار حتى يحترق، ثم يلقى بها في الماء (٣) فتغرق، ثم قتل بعد ذلك محمود أخاه مودودا.


(١) (ك): «أكابر الدولة» و (س): «فلو أنه استحضر الأمراء وأرباب الدولة في تلك الساعة. . . الخ».
(٢) (ك): «باب الدار».
(٣) (ك): «في التيار».

<<  <  ج: ص:  >  >>