للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمصريين حيل باستنجاد الفرنج تمّت: (ولكلّ أجل كتاب). ولكلّ أمل باب.

وكان في تقدير الله سبحانه أنا نملكها على الوجه الأحسن، ونأخذها بالحكم الأقوى الأمكن، فغدر الفرنج بالمصريين غدرة في هدنة عظم خطبها وخبطها، وعلم أنّ استئصال كلمة الإسلام محطّها، وكاتبنا المسلمون من مصر في ذلك الزمان، كما كاتبنا المسلمون من الشام في هذا الأوان، بأنا إن لم ندرك الأمر وإلا خرج من اليد، وإن لم ندفع غريم اليوم لم يمهل إلى الغد، فسرنا بالعساكر الموجودة والأمراء الأهل المعروفة إلى بلاد قد تمهّد لنا بها أمران، وتقرر لنا فيها في القلوب ودّان: الأول لما علموه من إيثارنا المذهب الأقوم، وإحياء الحقّ الأقدم، والآخر لما يرجونه من فكّ إسارهم، وإقالة عثارهم، ففعل الله ما هو أهله، وجاء الخبر إلى العدو فانقطع حبله، وصاقت به سبله، وأفرج عن الديار بعد أن كانت ضياعها ورساتيقها وبلادها وإقليمها قد نفذت فيها أوامره، وخفقت عليها صلبانه، وأمن من أن يسترجع ما كان بأيديهم حاصلا، وأن يستنقذ ما صار في ملكهم داخلا، ووصلنا البلاد وبها أجناد، عددهم كثير، وسوادهم كبير، وأموالهم واسعة، وكلمتهم جامعة، وهم على حرب الإسلام أقدر منهم على حرب الكفر، والحيلة في السر منهم أنفذ من العزيمة في الجهر. وبها راجل من السودان يزيد على مائة ألف رجل، كلهم أغتام أعجام، إن هم إلا كالأنعام، لا يعرفون ربّا إلا ساكن قصره، ولا قبلة إلا ما يتوجهون إليه من ركنه، وبها عسكر من الأرمن باقون على النصرانية، موضوعة عنهم الجزية، كانت لهم شوكة وشكّة، وحمية وحمة، ولهم حواش لقصرهم من بين داع تلطف في الضلال مداخله، وتصيب العقول مخاتله، ومن بين كتّاب، أقلامهم تفعل أفعال الأسل، وخدّام يجمعون إلى سواد الوجوه سواد النّحل، ودولة

<<  <  ج: ص:  >  >>