للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ففى سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة رحل السلطان إلى بغداد، وجمع العساكر، وتجهز لقصد عماد الدين زنكى، فأرسل إليه عماد الدين يستعطفه ويستميله، فأرسل إليه السلطان أبا عبد الله بن الأنبارى في تقرير القواعد، فاستقرت القاعدة على مائة ألف دينار يحملها عماد الدين، فحمل إليه عشرين ألف دينار، أكثرها عروض، وتنقلت الأحوال بالسلطان إلى أن احتاج إلى مداراة عماد الدين، فأطلق له الباقى مداراة واستمالة له، وحفظا لقلبه.

وكان عماد الدين عنده من الدهاء والمكر شىء كثير، فمن جملة ما فعله: أنه كان ولده الأكبر سيف الدين غازى لا يزال في خدمة السلطان مسعود - سفرا وحضرا - نائبا عن أبيه في الخدمة، فأرسل إليه يأمره بالهرب (١) من السلطان [مسعود] إلى الموصل، وأرسل إلى نائبه نصير الدين جقر بالموصل يأمره بمنع سيف الدين من الدخول إلى الموصل والوصول إليه، فهرب سيف الدين غازى ووصل إلى الموصل، فمنعه نصير الدين من الدخول إلى الموصل (٢)، ولما بلغ الخبر إلى والده أرسل إليه يأمره بالعود إلى السلطان، ولم يجتمع به، وأرسل معه رسولا إلى السلطان يقول له: «إن ولدى هرب [خوفا] (٣) لما رأى تغير السلطان علىّ، وقد أعدته إلى الخدمة، ولم أجتمع به، فإنه مملوكك، والبلاد لك». فحلّ هذا عند السلطان محلا عظيما.


(١) في س (٩ ا): «بالقرب»، وما هنا هو الصحيح.
(٢) في الأصل بعد لفظ «الموصل»: «إلى والده» وهما لفظان زائدان لا يستقيم بهما المعنى، فحذفناهما، ولا وجود لهما في س؛ وفى (ابن الأثير، ج ١١، ص ٣٦): «الدخول إلى الموصل الوصول إليه».
(٣) ما بين الحاصرتين زيادة عن: س (ص ٩ ا)، وابن الأثير.

<<  <  ج: ص:  >  >>