للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجارهم وأخذ أموالهم، ووقع في فكر عظيم. وأحضر الأمام شهاب الدين الخيوقى (١)، وكان إماما عالما كبير المحل عند السلطان لا يخالفه فيما يشير به، وأخبره بحال هؤلاء القوم، وكثرتهم وشجاعتهم، واستشاره [بعد ذلك (٢)] فيما يفعل.

فأشار [عليه شهاب الدين (٣)] بمكاتبة الأطراف، وجمع العساكر والمضى بهم إلى جانب نهر سيحون، وهو نهر عظيم يفصل بين بلاد الترك وبلاد الإسلام، لينزل هناك بالعساكر. فإذا جاء العدو وهو تعب من مسافة بعيده لقيه بالعساكر المستريحة. فجمع خوارزم شاه أمراءه وأرباب الرأى والمشورة، وعرض عليهم ما أشار به شهاب الدين فلم يوافقوه، وقالوا «بل الرأى أن نتركهم يعبرون نهر سيحون إلينا، ويسلكون هذه الجبال والمضايق، فأنهم جاهلون بطرقها، ونحن عارفون بها، فنقوى حينئذ عليهم، ونهلكهم ولا ينجو منهم أحد».

وبينما هم كذلك إذ ورد رسول جنكزخان ملك التتر ومعه جماعة، فتهددوا علاء الدين خوارزم شاه لقتله من قتل من التجار، وقالوا له: «يقول لك جنكزخان استعد للحرب، فها أنا واصل بما لا قبل لك به». فغضب خوارزم شاه لما سمع هذه الرسالة، وأمر بقتل الرسول، وحلق لحى الذين معه، وأعادهم إلى صاحبهم [جنكزخان (٤)] ليخبروه بقتل رسوله، ويقولوا له: «أن خوارزم شاه سائر إليك، ولو أنك في آخر الدنيا [٨٤ ب] لينتقم منك». [فلما عاد الذين كانوا مع الرسول، سار علاء الدين (٥)] خوارزم شاه


(١) في نسخة س «الحنفى» وفى ابن الأثير (الكامل، ج ١٢ ص ٣٦٢) «الشهاب الخيوفى»، والصيغة الصحيحة هى الصيغة المثبتة من نسخة م، والخيوقى نسبة إلى خيوق وهى بلدة من نواحى خوارزم أهلها شافعية انظر ياقوت، معجم البلدان.
(٢) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٣) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٤) ما بين الحاصرتين من نسخة س.
(٥) ما بين الحاصرتين من نسخة س، وفى نسخة م «ثم سار خوارزم شاه».

<<  <  ج: ص:  >  >>