للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسيس وهو يرعد خيفة منه. ومضى الأنبرطور إلى الدار التي عيّن نزوله فيها، فنزل بها.

قال القاضى شمس الدين [قاضى نابلس (١)]: وأوصيت المؤذنين أنهم لا يؤذنون تلك الليلة احتراما له. فلما أصبحنا ودخلت عليه قال لى: «يا قاضى لم لم يؤذن المؤذنون على المنابر على جارى عادتهم؟». فقلت له: «إن المملوك منعهم من ذلك إعظاما للملك واحتراما له». فقال لى: «أخطأت فيما فعلت، والله إنه أكثر غرضى في المبيت في القدس أن أسمع آذان المؤذنين وتسبيحهم بالليل (٢)»، ثم رحل إلى عكا (٣).

ولما ورد الخبر إلى دمشق بتسليم القدس إلى الفرنج أخذ الملك الناصر [داود (٤)] في التشنيع على عمه الملك الكامل. وتقدم إلى الشيخ شمس الدين يوسف سبط الشيخ جمال الدين بن الجوزى الواعظ - وكان له قبول عند الناس [١٤٥ ا] في الوعظ - في أن يجلس بجامع دمشق للوعظ، ويذكر فضائل القدس وما ورد فيه من الأخبار والآثار، وأن يحزن الناس ويذكر ما في تسليمه إلى الكفار من الصغار للمسلمين والعار. وقصد بذلك تنفير الناس من عمه ليناصحوه في قتاله. فجلس شمس الدين للوعظ كما أمره، وحضر الناس


(١) ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(٢) هناك رواية مخالفة بخصوص ما حدث من المؤذنين بالقدس في ابن أيبك (الدر المطلوب ق ٢٣٨) وسبط ابن الجوزى (مرآة الزمان، ج ٨ ص ٤٣٣ - ٤٣٤).
(٣) كذا في المتن وكذلك في المقريزى (السلوك، ج ١، ص ٢٣٢) بينما ورد في ابن أيبك (الدر المطلوب، ق ٢٣٨ - ٢٣٩) وسبط ابن الجوزى (مرآة الزمان، ج ٨ ص ٤٣٤) أن الأمبراطور «لم يقم بالقدس غير ليلتين وعاد إلى يافا».
(٤) ما بين الحاصرتين للتوضيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>