للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رجعت من تلك البلاد جاءت الأخبار بأنه اتفق على قصده [١٤٦ ا] البابا صاحب رومية العظمى - وبينها وبين البلد الذى كنا به مسافة خمسة أيام - وأخو ريدا فرنس المقدم ذكره. وذلك أن البابا كان قد حرّم (١) منفريدا لميله إلى المسلمين وخرقه ناموس شرعهم، وكذلك كان كرا أخوه والأنبراطور كل هؤلاء كانوا محرمين من جهة البابا برومية. والبابا برومية هو خليفة المسيح عندهم، والقائم مقامه، وإليه التحريم والتحليل والقطع والفصل (٢).

وهو الذى يلبس الملوك تيجان الملك ويقيمهم. ولا يتم لهم أمر في شريعتهم إلا به. ويكون راهبا، وإذا مات قام مقامه من هو أيضا متصف بصفة الرهبانية.

ولقد حكى لى وأنا ببلادهم حكاية عجيبة، وهى أن مرتبة الأنبرطورية [كانت قبل الأنبرطور (٣)] فردريك - الذى تقدم ذكره - لأبيه، وأنه لما


(١) يقصد أن البابا أصدر ضده قرار الحرمان excommunication كنوع من العقاب، وبالتالى حرر جميع رعاياه وأتباعه من أيمان الطاعة والتبعية التي أقسموها له. وتطورت قرارات الحرمان في العصور الوسطى حتى أصبحت من درجتين: قرارات حرمان صغرى تحرم الفرد من أداء الشعائر والطقوس الكنسيه؛ وقرارات حرمان كبرى تبعد الفرد تماما من الأيمان وتحرمه من جميع المزايا التي يتمتع بها المسيحيون. ولا يستطيع الفرد في هذه الحالة من أداء الشعائر الكنسية، ويفقد جميع الهبات التي منحتها له الكنيسة، ولا يدفن في مدافن المسيحيين. وفى كلنا الحالتين يكون الجحيم مصير الفرد المحروم من الكنيسة، ويعيش محروما من صحبة المسيحيين، وأى شخص يتعاون معه يكون هو الآخر معرضا للعقاب بتوقيع قرار الحرمان ضده،
انظر Thompson and Johnson, An introduction to medieval Europe (New York ١٩٣٧), P. ٦٥٦
سعيد عاشور، أوربا العصور الوسطى، ج ١، ص ٣٥٤، ٣٩٦، ج ٢ ص ٣.
(٢) عن البابا صاحب رومية انظر القلقشندى (صبح الأعشى، ج ٥، ص ٤٧٢).
(٣) ما بين الحاصرتين مذكور في الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>