للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر انهزام نور الدين من الفرنج]

في سنة ست وأربعين وخمسمائة جمع نور الدين - رحمه الله - عساكره، وسار إلى بلاد جوسلين بن جوسلين صاحب تل باشر وعين تاب وعزاز، وكان جوسلين أشد الفرنج شجاعة وأقواهم بأسا وأصحهم رأيا وأعظمهم مكيدة، فجمع جمعا كثيرا من الفرنج وسار نحو نور الدين، فالتقوا، فانهزم المسلمون وقتل منهم وأسر خلق كثير، وكان من جملة الأسرى سلاح دار (١) نور الدين، فأخذه جوسلين ومعه سلاح نور الدين، وسيّره إلى الملك مسعود (٢) بن قلج أرسلان بن سليمن ابن قطلمش السلجوقى - صاحب بلاد الروم - وقال له: «هذا سلاح زوج ابنتك وسيأتيك بعده ما هو أعظم منه»، وبلغ ذلك نور الدين فعظم عليه.

ذكر وقوع جوسلين في أسر نور الدين - رحمه الله -

ثم شرع نور الدين في إعمال الحيلة على جوسلين، فأرغب جماعة ممن معه من التركمان، ووعدهم الوعود الجميلة إن أتوه بجوسلين أسيرا أو عقيرا (٣)، فأدلوا عليه العيون، فاتفق أنه خرج متصيدا فظفر به طائفة منهم فوعدهم بمال جزيل إن أطلقوه، فأجابوه إلى الاطلاق إن حضر المال، فأرسل في إحضاره، فمضى بعضهم [٧٤] إلى الأمير مجد الدين بن الداية - النائب بحلب - وأعلمه الحال، فسيّر عسكرا، فكبسوا أولئك التركمان ومعهم جوسلين، فأخذوه أسيرا وأحضروه إلى نور الدين.


(١) سلاح دار أي ممسك أو صاحب سلاح السلطان، وله الاشراف على السلاح خاناه السلطانية، ويختار عادة من بين الأمراء المقدمين. (صبح الأعشى، ج ٤، ص ١٨).
(٢) حكم بين سنتى ٥١٠ و ٥٥١. أنظر: (Zambaur Op .Cit . P. ١٤٣) .
(٣) «عقير» أي جريح. (اللسان).

<<  <  ج: ص:  >  >>