للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلاده، واستولوا على الرى وهمذان وما بينهما من البلاد، ولم يتمكنوا من أصفهان وإنما ملكوها بعد هلاك جلال الدين، لوقوع الاختلاف بين أهلها.

ثم قصدوا في هذه السنة بلاد أذربيجان فجاسوا خلالها ينهبون ويقتلون من ظفروا به، وجلال الدين لا يقدم على لقائهم، ولا يقدر على منعهم من البلاد، وقد ملىء منهم رعبا وخوفا، وانضاف إلى ذلك أن عسكره اختلفوا عليه وتفرقت كلمتهم.

[ذكر واقعة غريبة وقعت لجلال (١) الدين]

قد وقعت لجلال الدين واقعة غريبة تؤذن بفساد عقله واختلال مزاجه؛ وهو أنه كان له مملوك يحبه محبة شديدة مفرطة يقال له قلج، وكان خصيا، فاتفق موته بعد الكسرة، فحزن عليه جلال الدين حزنا شديدا وأظهر من الجزع والهلع ما لا مزيد عليه، ولم يسمع من أحد بمثله، ولا لمجنون ليلى.

وكان موته بمكان بينه وبين توريز عدة فراسخ، فمشى الناس في جنازته هذه المسافة كلها، ومشى هو بعض الطريق راجلا، حتى ألزمه أمراؤه ووزيره بالركوب فركب. ولما قرب من توريز أرسل إلى أهل البلد يأمرهم بالخروج من البلد لتلقى التابوت، ففعلوا. وأنكر عليهم كونهم لم يبعدوا، ولم يظهر عليهم من الحزن والبكاء أكثر مما فعلوا. وأراد أن يعاقبهم على ذلك فشفع فيهم أمراؤه فتركهم.

ثم إنه لم يدفن ذلك المملوك وإنما كان يستصحبه معه [١٦٤ ب] حيث سار وهو يلطم ويبكى، وامتنع من الأكل والشرب. وكان إذا قدم إليه


(١) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة س ومثبت في م.

<<  <  ج: ص:  >  >>