للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى حلب مجدا، فإن كان نور الدين حيّا خدمته في هذا الوقت، وإن كان قد مات فأنا في دمشق تفعل ما تريد من تملكها»؛ فعاد إلى حلب مجدا وصعد القلعة، وأجلس نور الدين في شباك يراه الناس، وكلّمهم فلما رأوه حيّا تفرقوا عن أخيه أمير أميران، فسار إلى حران فملكها، فلما عوفى نور الدين قصد حران فهرب أخوه أمير أميران وترك أولاده بالقلعة، فملكها نور الدين وسلمها إلى الأمير زين الدين على كوجك بن بكتكين - صاحب إربل ونائب أخيه قطب الدين مودود ابن زنكى بالموصل -.

ثم سار نور الدين إلى الرقة، وبها أولاد أميرك الجاندار، وهو من أعيان الأمراء العمادية، وكان قد توفى وبقى أولاده، فشفع فيهم جماعة من الأمراء، فغضب، وقال: «هلا شفعتم (١) في أولاد أخى لما أخذت منهم حرّان، وكانت الشفاعة فيهم من أحب الأشياء إلىّ»، ولم يشفعهم وأخذها منهم.

ذكر وفاة المقتفى (٢) لأمر الله وسيرته

قد ذكرنا خلع السلطان مسعود للراشد بالله، وإقامة المقتفى لأمر الله للخلافة، ولما تولى الخلافة أحسن السيرة ولم يتعرض لمحاربة أحد، ولا لتجنيد أجناد، حسب ما اشترطه السلطان مسعود عليه، ثم راسله السلطان ليتصل بأخته فاطمة بنت محمد بن ملكشاه، فأجابه إلى ذلك، وعقد العقد بدار الخلافة على صداق مبلغه مائة ألف دينار، ثم حملت الجهة من همذان إلى بغداد، وصحبتها قاضى القضاة،


(١) في الأصل: «تشفعوا» والتصحيح عن: (ابن الأثير، ج ١١، ص ٩٥).
(٢) انظر ترجمته في: (ابن الجوزى: المنتظم، ج ١٠، ص ١٩٧) و (ابن الأثير: الكامل، ج ١١، ص ٩٦) و (سبط ابن الجوزى: مرآة الزمان، ج ٨، ق ١، ص ٢٣٤ - ٢٣٥) و (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج ٥، ص ٣٣٢) و (السيوطى: تاريخ الخلفاء، ص ٢٩٠ - ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>