للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان صلاح الدين أبو المظفر يوسف بن نجم الدين أيوب بن شاذى مع عمه أسد الدين في هذه السفرة؛ وفى ذلك يقول عرقلة (١) الدمشقى يمدح صلاح الدين، وجرى بملكه الفال، والفال موكل بالمنطق:

أقول والأتراك قد أزمعت ... مصر إلى حرب الأعاريب

ربّ كما ملّكتها يوسف ال‍ ... صدّيق من أولاد يعقوب

يملّكها في عصرنا يوسف ال‍ ... صادق من أولاد أيوب

من لم يزل ضرّاب هام العدى ... حقا، وضرّاب العراقيب

ثم سار أسد الدين - رحمه الله - إلى الديار المصرية (وترك بلاد الافرنج عن يمينه فوصل الديار المصرية) (٢)، وعبر النيل عند أطفيح (٣) بالجانب الغربى، ونزل بالبلاد الجيزية، وتصرف في البلاد، وأقام بها نيفا وخمسين يوما.

وأرسل شاور - وزير العاضد - يستنجد بالفرنج، فأتوه على الصعب والذلول، وحملهم على ذلك أمران: أحدهما الطمع في تملك الديار المصرية، والثانى الخوف من تملك العساكر النورية لها؛ وعلموا أنه إن ملكها نور الدين - رحمه الله - واستضافها إلى [٩٢] البلاد الشامية لم يبق لهم بالبيت المقدس والشام مقام، وأنه يستأصلهم وتصير بلادهم في وسط بلاده؛ ولما وصلوا مصر اجتمعوا بالعساكر المصرية وعبروا إلى الجانب الغربى.


(١) هو حسان بن نمير الكلبى أبو الندى الشاعر المعروف بعرقلة الدمشقى، كان شيخا خليعا أعور مطبوعا لطيفا ظريفا، اختص بالسلطان صلاح الدين وله فيه مدائحه، توفى سنة ٥٦٧ هـ‍. انظر: (ابن تغرى بردى: النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ٦٤) و (سبط بن الجوزى: مرآة الزمان، ج ٨، ق ١، ص ٢٨٦ - ٢٨٧).
(٢) هذه الجملة كتبت في هامش الأصل وأشير إلى مكانها بالمتن بعلامة.
(٣) اطفيح حاليا قرية من قرى مركز الصف بمديرية الجيزة، وهى مدينة قديمة كانت تسمى في العصر اليونانى «افروديتوبوليس». انظر: (مصلحة المساحة: فهرس مواقع الأمكنة) و (على مبارك: الخطط، ج ٨، ص ٧٧ - ٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>