للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه، وعنده من العساكر الشامية من يحميها من الفرنج ونور الدين، فامتنع صلاح الدين، وضعفت نفسه عن هذا المقام، فألزم به، وأحضر إلى القصر، وخلعت عليه خلع (١) الوزارة، ولقّب الملك الناصر، وعاد إلى دار الوزارة، وهى الدار التي كان بها عمه، فلم يلتفت إليه أحد من أولئك الأمراء ولا خدموه، فقام بأمره الفقيه ضياء الدين عيسى الهكارى، وما زال بسيف الدين على بن أحمد المشطوب حتى أماله إليه، وقال: «إن هذا الأمر لا يصل إليك مع (٢) وجود عين الدولة وشهاب الدين الحارمى وابن تليل»، ثم قصد به شهاب الدين وقال: «إن هذا صلاح الدين هو ابن أختك، وملكه لك، وقد استقام الأمر له، فلا تكن أول من يسعى [١٠٥] في إخراجه عنه، فلا يصل إليك»؛ ولم يزل به حتى استحلفه له.

واجتمع بعد ذلك بقطب الدين وقال له: «إن صلاح الدين قد أطاعه الناس ولم يبق غيرك وغير الياروقى، وعلى كل حال فالجامع بينك وبين صلاح الدين أن أصله من الأكراد، فلا يخرج الأمر عنه إلى الأتراك»؛ ووعده زيادة في إقطاعه، فأجاب وحلف.


(١) ورد في (الروضتين، ج ١، ص ١٧٣) وصف كامل لهذه الخلع التي خلعت على صلاح الدين عند توليته الوزارة، وقد آثرنا نقله هنا لأهميته: «وكانت خلعة الوزارة: عمامة بيضاء تنيسى بطرز ذهب، وثوب دبيقى بطرازى ذهب، وجبة تحتها سقلاطون بطرازى ذهب، وطيلسان دبيقى بطراز دقيق ذهب، وعقد جوهر قيمته عشرة آلاف دينار، وسيف محلى مجوهر قيمته خمسة آلاف دينار، وفرس حجر صفراء من مراكب العاضد قيمتها ثمانية ألف دينار لم يكن بالديار المصرية أسبق منها، وطوق، ومخت، وسرفسار ذهب مجوهر، وفى رقبة الحجر مشدة بيضاء، وفى رأسها مائتا حبة جوهر، وفى أربع قوائم الفرس أربع عقود جوهر، وقصبة ذهب في رأسها طالعة مجوهرة، وفى رأسها مشدة بيضاء بأعلام ذهب، ومع الخلعة عدة بقج، وعدة من الخيل، وأشياء أخر».
(٢) في الأصل: «إلا مع» وقد حذفت «إلا» ليستقيم المعنى. راجع: (النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>