كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب

وقد ذكر عماد الدين [الكاتب] في البرق أن السرية (١) التي خرجت (٢) لصاحب البيرة باللبوة كانت في هذه السنة بعد نزول نور الدين عشترا، وروى ابن الاثير أنها كانت في السنة الماضية، وكان هذا هو الأقرب. والله أعلم بالصواب.

ذكر الأحداث الكائنة بمصر في هذه السنة

- أعنى سنة ست وستين وخمسمائة -

وفى هذه السنة حرر (٣) صلاح الدين دارا كانت للمعونة (٤) بمصر مدرسة للشافعية، ولم يكن بمصر للشافعية ولا لغيرهم مدرسة، لأن الدولة كانت إسماعيلية،

(١) في س (ص ٣٠ ب): «السيرة»، وما هنا هو الصحيح.
(٢) في الأصل: «جرت»، وما هنا عن س، أنظر أخبار هذه السرية بالتفصيل في: (ابن الأثير، ج ١١، ص ١٣٢).
(٣) في س (٣٠ ب): «خرب صلاح الدين دارا كانت للمعونة وبناها مدرسة للشافعية».
(٤) أشار المقريزى عند كلامه عن السجون إلى حبسين كان كل منهما يسمى «حبس المعونة» أو «دار المعونة»، الأول كان بالفسطاط: (الخطط، ج ٣، ص ٣٠٤)، والثانى كان بالقاهرة: (الخطط، ج ٢، ص ٣٤٢)، والأول هو المقصود هنا، وقد سميت هذه الدار بالمعونة لأنها بنيت بمعونة المسلمين ينزلها ولاتهم، ثم عرفت بدار الفلفل، وكان مكانها قبلى جامع عمرو بن العاص بالفسطاط، ثم جعلت دارا للشرطة واستمرت كذلك إلى أن حولها يانس العزيزى - صاحب الشرطة في عهد العزيز - إلى حبس عرف بالمعونة وذلك في سنة ٣٨١ هـ‍. ثم حوله صلاح الدين أول توليته على مصر إلى مدرسة للشافعية، وقد عرفت هذه المدرسة أول إنشائها «بالمدرسة الناصرية» نسبة إلى الناصر صلاح الدين، ثم عرفت باسم «بالمدرسة ابن زين التجار» وهو أول فقيه تولى التدريس بها، ثم عرفت بعد ذلك «بالمدرسة الشريفية» نسبة إلى الشريف القاضى شمس الدين أبو عبد الله محمد بن الحسين الأرموى قاضى العسكر، أحد من تولوا التدريس بها. انظر أخبار هذه المدرسة بالتفصيل في: (المقريزى: الخطط، ج ٤، ص ١٩٣) و (ابن دقمان: الانتصار، ج ٤، س ٩٣)، وقال محمد رمزى في تحقيقاته في (النجوم الزاهرة، ج ٥، ص ٣٨٥، هامش ١) ابن هذه المدرسة زالت، ومحلها اليوم أرض فضاء في الجنوب الشرقى من جامع عمرو بن العاص بمصر القديمة مشغولة بأقمان الجير والفواخير.