للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما فرغت دار العدل جلس نور الدين فيها لفصل [الحكومات و] (١) الخصومات، وكان يجلس في الأسبوع يومين (٢) وعند القاضى والفقهاء، وبقى كذلك مدة فلم يحضر أحد يشكو من أسد الدين، (٣) فقال نور الدين لكمال الدين: «مالى لا أرى أحدا يشكو من شيركوه؟» فعرّفه الحال (٣)، فسجد شكرا لله تعالى، وقال: «الحمد لله الذى جعل أصحابنا ينصفون من أنفسهم قبل حضورهم عندنا».

وحكى (٤) معين الدين محمد بن أحمد بن خالد بن محمد بن القيسرانى، قال: «انكسر على ضامن (٥) دار الزكاة [١٥٩] مال جم، وكان الضامن المذكور يعرف بابن شمام (٦) المحالى، فحبس، فباع ما كان يملكه من عقار بما مبلغه ثمانية آلاف دينار صورية (٧)، وحمله إلى الخزانة، وبقى في الحبس مطالبا بما بقى عليه.


(١) في الأصل: «لفصل الخصومات»، وفى الروضتين «لفصل الحكومات» وما هنا صيغة س.
(٢) النص في: (سبط ابن الجوزى: مرآة الزمان، ج ٨، ق ١): «فكان نور الدين يقعد في دار العدل في كل أسبوع أربعة أيام أو خمسة، ويحضر عنده العلماء والفقهاء، ويأمر بازالة الحاجب والبواب، ويوصل إليه الشيخ الضعيف والعجوز الكبيرة، ويسأل الفقهاء عما أشكل عليه».
(٣) ما بين الرقمين ساقط من س، وإنما اختصره بقوله: «فعلم الحال، فسجد شكرا. . . الخ».
(٤) أوجز صاحب الروضتين (ج ١، ص ١١) هذه القصة في كلمات قليلة جدا، قال: «ورأى له وزيره موفق الدين خالد بن القيسرانى الشاعر في منامه أنه يغسل ثيابه، وقص ذلك عليه ففكر ساعة، ثم أمره بكتابة إسقاط المكوس، وقال: هذا تفسير منامك». وهذا مثل يجعل لمفرج الكروب مكانة خاصة لما يرويه من أخبار مفصلة عن مراجع سابقة لم تصلنا، وقد أهملت المراجع المطبوعة ذكر هذه الأخبار أو نقلتها باختصار لا يفيد الباحث كثيرا.
(٥) انظر التعريف بوظيفة الضامن في: (ابن مماتى: قوانين الدواوين، طبعة الوطن، ص ١٠).
(٦) في س: (٥٢ ا) «سمام».
(٧) لعل المقصود بالدينار الصورية: الدينار المصورة، وقد عرفها (القلقشندى: صبح الأعشى، ج ٣، ص ٤٣٧) بأنها دنانير يؤتى بها من البلاد الافرنجية والروم، وهى دنانير مشخصة على أحد وجهيها صورة الملك الذى تضرب في زمنه، وعلى الوجه الآخر صورتا بطرس وبولس الحواريين، ويعبر عنها أيضا: بالافرنتية - جمع إفرنتى -، وربما قيل «إفرنجة».

<<  <  ج: ص:  >  >>