للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" ووصلنا البلاد وبها أجناد عددهم كثير، وسوادهم كبير، وأموالهم واسعة، وكلمتهم جامعة، وهم على حرب الإسلام أقدر منهم على حرب الكفر، والحيلة في السر فيهم أنفذ من العزيمة في الجهر، وبها راجل من السودان يزيد على مائة ألف رجل (١)، كلهم أغتام أعجام، إن هم إلا كالأنعام (١٨٠) لا يعرفون ربا إلا ساكن قصره، ولا قبلة إلا ما يتوجهون إليه من ركنه [وامتثال أمره] (٢)، وبها عسكر من الأرمن باقون على النصرانية (٣)، موضوعة عنهم الجزية، ولهم شوكة وشكة، [وحمة] (٢) وحمية، لهم حواش لقصرهم من بين داع تتلطف في الضلال مداخله، وتصيب العقول (٤) مخاتله، ومن كتّاب تفعل أقلامهم فعل الأسل، وخدام يجمعون إلى سواد الوجوه سواد النحل، ودولة قد كبر عليها (٥) الصغير ولم يعرف غيرها الكبير، ومهابة تمنع من خطرات (٦) الضمير، فكيف


= انفردت بذكرها نسخة ك التي اعتمدناها أصلا للنشر، وقد أورد صاحب الروضتين النص الكامل للرسالة وهى رسالة هامة لأنها تلخص جهود صلاح الدين منذ ولى الوزارة بمصر بعد وفاة عمه إلى هذه السنة (٥٧٠)، وهذا الفارق مثل واضح من أمثلة كثيرة على أفضلية نسخة ك على نسخة س، ولتصحيح هذه المقتبسات سنعارضها على الروضتين. وسننشر هذه الرسالة كاملة في ملاحق هذا الجزء.
(١) هذا نص هام لأنه يحدد عدد الجند من السودانيين في الجيش المصرى في أواخر العصر الفاطمى.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة عن (الروضتين، ج ١، ص ٢٤٢).
(٣) دخل الأرمن في الجيش الفاطمى وفى وظائف الدولة منذ ولى بدر الجمالى الوزارة للمستنصر ثم كثر عددهم وزادت شوكتهم وأصبحوا غالبية كبيرة في مصر، ولم يقتصر الأمر على استخدام المسلمين منهم بل استخدم الأرمن النصارى بعد ذلك، وخاصة بعد أن ولى بهرام الأرمنى الوزارة للخليفة الحافظ، ولهذا النص هنا أهميته، لأن المعروف أن الدول الإسلامية في كل العصور لم تكن تستخدم في جيوشها إلا جتودا مسلمين، وهذا النص يدل على أن الجيش الفاطمى كان به جنود من الأرمن النصارى.
(٤) النص يختلف هنا قليلا عن الروضتين، فمكان هذا اللفظ هناك " القلوب ".
(٥) الروضتين: " نملها ".
(٦) الروضتين (٢٤٢): " تمنع ما يكنه الضمير ".

<<  <  ج: ص:  >  >>