للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير سعد الدين كمشتكين والعدل شهاب الدين أبو صالح بن العجمى وغيرهما، وتفاوضوا في معنى الصلح، فأجابهم السلطان إلى أن يرد عليهم الحصول التي أخذها، وأن يقنع بدمشق نائبا عن الملك الصالح منتميا (١) إليه، والخطبة والسكة له، وأن يرد عليهم كلما أخذ من الخزانة، فلما رأوه مجيبا لكل ما يلتمس منه وقلة عسكره اشتطوا عليه وطمعوا، وطلبوا الرحبة وأعمالها، فقال:

" هى لابن عمى نصر الدين محمد بن أسد الدين شيركوه، ولا سبيل إلى الإضرار به ".

فنفروا وأصبحوا على الرحيل إلى جانب العاصى قريبا من شيزر، وجمعوا العساكر وأظهروا عزمهم على المصاف، فعبّر السلطان إلى سفح قرون حماة خيامه، ووصل إليه جماعة من العسكر المصرى ومعهم عشرة من المقدمين، منهم أبناء أخيه: الملك المظفر تقى الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وعز الدين فرخ شاه بن شاهان شاه بن أيوب، وغيرهم؛ ثم كانت الوقعة بين الفريقين تاسع عشر شهر رمضان من السنة، فلم يثبت عسكر الموصل، وانهزموا لا يلوى أحد على أحد، وثبت عز الدين مسعود بعد انهزام أصحابه، فلما رأى السلطان ثباته قال:

" إما أن هذا أشجع الناس، وإما أنه لا يعرف الحرب، " وأمر أصحابه بالحملة عليه، فحملوا فأزالوه عن موقفه، وتمت الهزيمة عليهم، وتبعهم السلطان وعسكره، حتى جاوز معسكرهم (٢)، وغنم كل ما معهم، وأسر جماعة منهم، ثم منّ عليهم وأطلقهم، وعادوا منهزمين إلى حلب، وتبعهم السلطان بنية المحاصرة لحلب والمنازلة لها، وقطع حينئذ خطبة الملك الصالح ابن نور الدين، وأزال اسمه عن السكة في بلاده.


(١) س: " مؤتمنا ".
(٢) س: " بعسكرهم ".

<<  <  ج: ص:  >  >>