للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما عنده، فلما خلا به طالبه السلطان بنسخة اليمين (١)، فغلط الرسول وأخرج من كمه يمين الحلبيين لسيف الدين، وناولها له، فتأملها وأخفى (٢) سره، واطلع على ما اتفقوا عليه وردها إليه، وقال: " لعلها قد تبدلت "، فعرف الرسول أنه قد غلط، ولم يمكنه تلافى الفارط منه، وقال السلطان:

" كيف حلف الحلبيون لسيف الدين، ومن شرط أيمانهم أنهم لا يعتمدون أمرا إلا بمراجعتهم لنا واستئذانهم؟ "، وتحقق أنهم على نقض العهد.

وشاع الخبر عنهم بالخروج في الربيع، فكتب السلطان إلى نائبه بمصر، وهو أخوه الملك العادل سيف الدين أبو بكر بن أيوب، يعلمه بذلك، ويأمره أن يأمر العساكر بالاستعداد والخروج في شعبان.

وصالح سيف الدين أخاه عماد الدين - كما ذكرنا - وعاد (٣) عن سنجار إلى الموصل، وجمع العساكر وأنفق فيهم الأموال، واستنجد بصاحب الحصن وصاحب ماردين وغيرهما، ثم سار إلى نصيبين في ربيع الأول من هذه السنة، وأقام بها حتى انسلخ الشتاء، ثم سار متوجها إلى حلب، فعبر الفرات من البيرة، وخيّم على الجانب الغربى، وراسل الحلبيين، واستقرت القاعدة أنه يصل إليهم، وذلك بعد (٣) رسول سعد الدين كمشتكين (٣) إليه، ومراجعات كثيرة وقعت بينهم عزم على العود منها مرارا، ثم سار ووصل إلى حلب، فخرج إليه ابن عمه الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين - رحمهما الله - فالتقاه قريب القلعة، واعتنقه وضمه إليه وبكى (٤)، ثم أمره بالعودة إلى القلعة، فعاد إليها، وسار هو حتى نزل بعين المباركة، وأقام بها مدة، وعسكر حلب يخرجون إلى خدمته كل يوم، وصعد إلى القلعة جريدة، وأكل فيها، ونزل.


(١) س: " فلما خلا به أراد أن يخرج له نسخة اليمين ".
(٢) الأصل: " وأخفا ".
(٣) هذا اللفظ ساقط من س.
(٤) الأصل: " وبكا ".

<<  <  ج: ص:  >  >>