للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين في بيكارها (١) [منتقما من كفارها] (٢) متحملا لمشاقها على غلاء أسعارها، وإنما أحوج إلى ذلك أن بلاد هذا الثغر قد اقتطعت عنه، وعساكرها أخذت منه، " فوصل في رجب رسل الديوان: صدر الدين شيخ الشيوخ [أبو القاسم عبد الرحمن] (٢)، وشهاب الدين بشير الخاص بالتفويض والتقليد والتشريف (٣)، فتلقاهم السلطان، وترجّل لهم، فنزل الرسل وسلموا عليه عن أمير المؤمنين، فقبل الأرض، ثم ركبوا ودخلوا المدينة، وكان السلطان قد عزم على قصد الديار المصرية، وسلوك طريق أيلة والبرية فحسن للشيخ صدر الدين مصاحبته، ورغبه في زيارة قبر الشافعى - رحمة الله عليه -، فقال:

" قد عزمت في هذه السنة على الحج، فأصل معكم إلى القاهرة، بشرط إقامة يومين [٢٢١] ولا أدخلها، وإنما أسكن بالتربة الشافعية، وأسير منها إلى بحر عيذاب، لعلى أدرك صوم رمضان بمكة " (٤).

فالتزم له ذلك، وأعاد أصحابه إلى بغداد ليأتوه من طريقها إلى الحجاز، ورجع شهاب الدين بشير في جواب رسالته، ومعه القاضى ضياء الدين بن الشهر زورى، وكتب السلطان إلى الديوان كتابا، وفيه:

" قد توجه الخادم إلى الديار المصرية لتجديد النظر فيها، ثم يستخير الله في الحج وأدائه، ويعود إلى مجاهدة أعدائه ".


(١) البيكار، وقد تجمع على بياكير، لفظ فارسى معناه الحرب بوجه عام، راجع أيضا: (Dozy : Supp .Dict .Ar).
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة عن المرجع السابق.
(٣) أورد ابن أبى طى (الروضتين، ج ٢، ص ١٩) وصفا تفصيليا للخلع التي أرسلها الخليفة الناصر إلى صلاح الدين، وهو وصف له أهميته ولهذا أثرنا نقله هنا (قارنه بوصف الخلع التي ارسلها الخليفة المستضئ لصلاح الدين فيما سبق هنا)، قال: " وكانت هذه أول خلعة قدمت من الإمام الناصر على الملك الناصر، وكانت: ثوب أطلس أسود واسع الكم مذهب، وبيقار أسود مذهب وطيلسان أسود مذهب، ومشدة سودا. مذهبة، وطوق، وتخت، وسرفسار، وجواد كميت من مراكب الخليفة عليه سرج أسود، وسلال أسود، وطوق مجوهر، وقصبة ذهب، وعم أسود، وعدة خيول وبقج؛ وركب السلطان بالخلعة، وزينت له دمشق، وكان يوما عظيما ".
(٤) بهذا اللفظ يتقابل الأصل مرة أخرى مع نسخة س في أول (ص ١١٤ أ) منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>